ليست عبثية، او من دون أسباب، تلك الانزياحات التي تشهدها المنطقة في الخطوط تكتيكيا لبعض الدول والقوى الفاعلة في الاحداث التي تجري على الأرض السورية، من المواقف التركية والاهتزازات التي تشهدها علاقاتها مع الولايات المتحدة الأميركية، الى الموقف الكردي شرق الفرات مع علاقته بالدولة الام، الى التغيرات الجذرية في جغرافيا السيطرة الميدانية في ادلب.
في قراءة المشاهد المستجدة في الساحة الميدانية السورية، ثمة الكثير من المعطيات الجديدة، فثمة الكثير من الدلالات والمعاني عندما تسير روسيا دورياتها في أحياء منبج وضواحيها في ذات الوقت الذي رفض فيه رئيس النظام التركي رجب اردوغان استقبال مستشار الامن القومي الأميركي جون بولتون، وينوي قريبا زيارة موسكو، وهنا لا نراهن على تغير استراتيجي، ونعي أن ذلك ليس الا من باب الحرد السياسي من واشنطن، الا أن هذا التغيير التكتيكي له انعكاساته على إعادة تموضع القوى على الأرض، وقد يرسم تحالفات جديدة ولو كانت آنية.
انزياحات جمة دفعت بالكردي الى تلمس الرأس، بعد إحساسه باليتم، والخذلان من تخلي الأميركي عنه، الأميركي الذي بات في حالة من التخبط جراء قرار انسحابه من سورية، لتنكشف حالة الضحالة في فهم الأمور لدى الرئيس دونالد ترامب في المنطقة وربما في أمور العالم برمته، فهو المعتقد أن السباحة في عمق البحار ذاتها السباحة على الشاطئ، ولتظهر حالة الجهالة بسورية وشعبها، فأقدم على الخوض في غمار تجربة لا يدري كيفية الخروج منها، لتكون الحقيقة النهائية بأن القصة « مكة ونحن أدرى بشعابها».
منذ بداية الازمة في سورية والحرب الإرهابية عليها، لم يثبت معتد على خط، فبدلوا كثيرا في طرقاتهم وبوصلاتهم، لتكون النتيجة مزيدا من الغوص في وحل المستنقع السوري، وحده الجيش العربي السوري، كان الطريق الصحيح، والبوصلة السليمة فكانت النتائج كبيرة بحجم الحق الذي يدافع عنه، ذات البوصلة تشير حاليا باتجاه ادلب للقضاء على ما تبقى من إرهاب وارهابيين هناك، بعد انهيار اتفاق» سوتشي ادلب»، وعجز الضامن التركي عن الالتزام بوعوده، لتنتهي الأمور بسيطرة «النصرة» الإرهابية على «الجغرافيا الإدلبية».. وليبقى القرار الفيصل لصاحب الفعل ابطال الجيش العربي السوري.
منذر عيد
Moon.eid70@gmail.com
التاريخ: الأثنين 14-1-2019
رقم العدد : 16884