يبدو أننا وبعد سنين من الحرب وكثير من الأزمات المتتابعة والمختلقة والعديد العديد من التبعات الجانبية السلبية في النفوس البشرية …يبدو أننا استطعنا أن نجيد مواجهة عتمة (داعش) بتقبِلنا لقوافل الشهداء وضحايا الحرب الجرحى بنسب عجز كاملة وأخرى مجتزأة …
والحقيقة على ما يبدو أننا نتقبَل ما تتركه الرصاصة في الجسد لكننا مازلنا لا نجيد التعامل مع أثرها عندما تتعلق القصة بالقوت اليومي والوسائل المختلفة لتأمين الدفء لأجساد غضة وأخرى مريضة لا يرحمها الموت لأنها لا تستطيع مقاومته…
هل حقا أزمتنا أزمة غاز ..أم أزمة مازوت ..أم رغيف خبز …وتدني مستوى معيشة …ما هي أزمتنا بحق .!!!مضى الكثير من الوقت حتى تقبَل المواطن السوري حقيقة أن ما يمر فيه من ظروف قاسية مريرة على جميع الأصعدة هي الحرب بأم عينها وليست أزمة وتمر…نعم هي حرب بكل أشكالها وأساليبها..ومضى الوقت طويلا حتى باتت كلمة الحرب متداولة على اللسان فيما كانت عبارة (خلصت)أو (الأزمة في نهاياتها)هي الأكثر شيوعا على ألسنة من كان يرفض بشدة أن يعترف بالحرب لا لشيء فقط لأنه يكرهها ويعرف نتائجها ,بالأحرى لأنه يخافها وهو الذي يعيشها بتفاصيلها لا بل بأدقِها…
في كل مرة كانت أرقام الشهداء إلى ارتفاع ,كان عنصر المفاجأة لدينا يسجل حضوره في أحاديثنا ومشاعرنا وكتاباتنا ..ومع كل صباح كان عنصر الأمل أيضا يسجل ارتفاعه في أن الحرب إلى زوال مع أنها كانت البداية…
ورغم ذلك لم يكن يطالب هذا المواطن الذي لم يوجهه إلا انتماؤه ووطنيته للالتزام بالوطن والدولة والوقوف صفا واحدا معها لا يرفع سلاحا ولا يسرق قمحا ,ألا يحق لهذا النبيل أن يكون لصوته آذان صاغية عند من بيدهم الأمر ,فقط للحفاظ على ماء وجهه من سماسرة وتجار الحرب الذيين بات مصيره وعائلته في أيديهم عندما تتدهور الأوضاع المعيشية والصحية وبالتالي النفسية..
هي الكرامة فقط التي باتت من ممتلكات هذا المواطن بغض النظر عن الشهيق والزفير الذي لايملكه حكما .. قد يمضي أيامه الثلاثين من الشهر في أدنى مستوى من قضاء حاجياته الغذائية لكن ليس باستطاعته مهما حاول وجازف أن يمنع البرد عن مفاصل أبنائه وليس بإمكانه أن يمضي يومه وإجازاته الساعية سعيا وراء دوره على لائحة مرقمة على حائط البلدية…هذا المواطن وأمثاله بالملايين من حقهم أن يعيشوا بكرامة ومن واجب الحكومة أن تسعى جاهدة لإيجاد الحلول. فلم تعد تستأهل حياتنا إهانة أكثر كرمى لأرواح الشهداء من مدنيين وعسكريين وضحايا أبطال الجيش العربي السوري الذين مابخلوا بعطاياهم كي يبقى لنا وطن نستحق العيش فيه.
لجينة سلامة
التاريخ: الأثنين 21-1-2019
رقم العدد : 16890