مع عودة العديد من مؤسسات القطاع إلى الحياة بدءاً من التخطيط لمشاريع استراتيجية كبيرة مروراً بالقيام بأعمال خدمية أو إنتاجية لترميم ما دمرته الحرب العدوانية على سورية ووصولاً إلى عملية التأهيل والتدريب فإنه من الطبيعي أن يعود أيضاً الحديث عن الأداء ومراقبة مستوى الأداء وتفعيل دور المؤسسات المعنية بالتصويب والمحاسبة لتجاوز الصعوبات وتعزيز نقاط القوة بعد تشخيص نقاط الضعف ومعالجتها.
مثل هذا الكلام يمكن أن يكون عاماً وقد تكرر كثيراً ولا فائدة منه إذا لم ينتقل من التعميم إلى التوصيف الحقيقي وملامسة واقع الحال ومواكبته على حقيقته، ولذلك نأخذ مثالاً اليوم من القطاع الزراعي ولا سيما بعد إعفاء الديون المترتبة على الفلاحين من الفوائد والغرامات وتقسيط ما تبقى من الديون، الأمر الذي أتاح للمنتجين الاستمرار بإنتاج المحاصيل الاستراتيجية ولا سيما القمح، لكن السؤال الذي يطرح نفسه من خلال متابعة وقائع الخطة الزراعية هو: لماذا تواجه هذه الخطة عدم الالتزام من البعض وأحياناً تكون نسبة المخالفات كبيرة وبالتالي تتسبب بتدني نسبة تنفيذ بعض المحاصيل نتيجه الذهاب إلى محاصيل أخرى.
ولعلنا نلاحظ أنه في كل موسم ثمة ظاهرة مشتركة بين عدد كبير من المنتجين الذين يتركون ما تم التخطيط له من محاصيل مجرد حبر على الورق ليزرعوا محاصيل أخرى ربما لأن تكاليف زراعتها وإنتاجتيها أقل من غيرها، لكن بالمحصلة يتسبب ذلك بانحدار مستوى تنفيذ الخطط الزراعية، وقد حدث ذلك سواء لمن قام بزراعة المحاصيل العطرية مرة أم محصول الحمص مرات عديدة على حساب المساحات المخصصة للقمح والشعير.
جوهر المسألة هنا يرتبط بثقافة الالتزام بما تخطط له مؤسسات الدولة بشكل عام إلا أنه يكتسب أهمية إضافية في القطاع الزراعي لأنه يتعلق بالأمن الغذائي، ولذلك من المفيد هنا التذكير بأهمية التعاون والتنسيق بين المؤسسات ذات الصلة لترسيخ ثقافة الالتزام بالخطط ومنها الزراعية بشكل خاص.
يونس خلف
التاريخ: الثلاثاء 22-1-2019
الرقم: 16891