لقد جلبت لنا الحضارة نمطا عائليا جديدا , وغيرت طرق العمل والحب والمعيشة , وظهر اقتصاد جديد نتج عنه مشاكل سياسية جديدة وعلى خلفية ذلك تبدل وعي الإنسان .هذا ما قاله كاتب انكليزي في كتابه (الموجة الثالثة).
التكنولوجيا سلاح ذو حدين إذا استثمرها الإنسان لأغراض معرفية ووظفها لتحقيق حاجات الإنسان بشكل ايجابي يزدهر المجتمع ويتطور, أما إذا استخدمها بشكل سلبي فحتما ستصل فيه إلى الأمراض الاجتماعية ومن ثم تتفاقم مشاكله ,وتتوسع الأضرار حتى تصل إلى إنهاك المجتمع وضياعه .
على هامش النشاط الذي أقيم في ثقافي المزه بدمشق بهذا الخصوص كانت لنا وقفة مع الباحثة يسرا عباس الموجهة التربوية و المحاضرة في جامعة دمشق , حيث حدثتنا عن الأثر الإيجابي والسلبي للتكنولوجيا على الفرد والأسرة والمجتمع بشكل عام .
وفرت الجهد والوقت
أوضحت أن التكنولوجيا تؤدي إلى تسهيل الحياة اليومية و تيسيرها فكثير من الأعمال وفرت الوقت و الجهد و الدقة و سرعة إنجاز العمل ، بالتالي مكنت الإنسان من إنجاز مشاريع لم يتوقع أنه تمكن منها أو أنها مستحيلة ، و سهلت ارتباط الأفراد بأعمالهم و تحركاتهم و توجهاتهم و التعاملات المالية و الحكومية و تعليمهم و أبحاثهم و متابعاتهم للأخبار و الأبحاث .
بالتالي سهلت التقارب بين الشعوب و التواصل و جعلت العالم يبدو كقرية صغيرة يتعارف فيها الناس دون الحاجة للسفر ، إضافة إلى سهولة تكوين علاقات أو صداقات عبر أنماط التواصل .
و ساهمت التكنولوجيا في تطوير ثقافة الأفراد و توسيع مداركهم ، من خلال الاطلاع على التنوع الثقافي بين الشعوب ، و تطوير قدرات الفرد عبر إتاحة وسائل التعلم كافة ، و تؤدي إلى تقريب الآراء و وجهات النظر من خلال مواقع التواصل بين الشعوب و التعامل معهم و طرق التعامل مع حل المشاكل
تعطيل القدرات العقلية
من الآثار السلبية التي بينتها الدكتورة عباس تقليل التواصل الفعلي أو الحقيقي بين الأفراد ، حيث حلت محلها المكالمات الهاتفية عن بعد و الرسائل النصية مكان التواصل الفعلي عن بعد ، ما أدى إلى تغيير صورة و مفهوم الترابط و التماسك العائلي و العلاقات الأسرية داخل المنزل .
ساهمت التكنولوجيا الحديثة باستخدامها السلبي على انتشار الكذب و الصحف و المجلات الرقمية ، و حلت محل الوسائل التقليدية القديمة ، ما أثر على أساليب التعبير و الكتابة و الإملاء و النصوص.
لزيادة متطلبات الحياة على الفرد لذلك يجب توفيرها و اقتناؤها ، و هذا ما يشكل عبئاً على المجتمع و الأسرة ، إلى جانب زيادة الطلب على مصادر الطاقة الكهربائية ، و هو نمط حديث للاستهلاك .
انتشار التكنولوجيا أدى إلى وجود ظاهرة العنف بين الأفراد في المجتمع من خلال مسلسلات ألعاب موجهة للكبار و الصغار ، حيث يتأثرون بشكل كبير بهذه الألعاب ما يؤثر على سلوكهم و ارتفاع منسوب العنف ، و من السلبيات ،العزلة التي تخلفها التكنولوجيا ، و تزيد من ابتعاد الأفراد عن بعضهم البعض و عن المجتمع ، و تؤدي أيضاً إلى الإدمان على الانترنيت ما يسبب كثيرا من المشاكل الأسرية و المجتمعية ، و أيضاً تساهم في تيسير الطريق أمام السلوكيات الخاطئة مثل إدمان المخدرات ، الهروب من الواقع ، خلق واقع افتراضي ، ما يزيد حياة الفرد تعقيداً و يوقعه في مشاكل لا حصر لها ، إضافة إلى تعطيل قدرات العقل كلما زاد اعتماد الإنسان على الحاسوب كلما قل استخدامه لعقله ، الأمر الذي يؤدي إلى شل القدرة على التفكير و تعطيل قدرات العقل .
أعتقد أن موضوع أثر التكنولوجيا على المجتمع موضوع شائك ومعقد ويحتاج إلى الكثير من البحث لما له من تفرعات متعددة , فيما يخص على سبيل المثال ,الجرائم الناتجة عن وسائل التواصل الاجتماعي , التفكك الأسري , العزلة , أمراض اجتماعية متنوعة ومتعددة …….
علاء الدين محمد
التاريخ: الثلاثاء 29-1-2019
رقم العدد : 16896