عندما نتابع الأحاديث والنقاشات في الجلسات الخاصة والعامة وحتى الجلسات العائلية، وما يدور فيها من عناوين باتت حديث الساعة وتحمل في مضامينها الاستنكار والأسف لما آلت إليه حال الكثير من البشر الذين كانوا يظهرون في يوم من الأيام بلبوس الحكماء والقديسين ولكنهم اليوم تحولوا «بقدرة قادر» إلى وحوش آدمية، تتهافت اللعنات على زمن استطاع أن يغير تلك النفوس حتى بات الجميع وكأنهم في غابة ينهش كل واحد فيها لحم أخيه دون وازع من ضمير أو خلق.
ولكن هل حقا الزمن هو من أسبغ عليهم شريعة الغاب لتكون قانونهم في علاقاتهم وتعاملاتهم الإنسانية، وهل حقاً أن معايير الحياة قد صيغت من جديد بعيدا عما كنا نتباهى به من قيم الخير والمحبة والتسامح، أم أن وراء الأكمة ما وراءها من استنبات لنزعات الشر في أنفسنا، متغافلين عن إنسانيتنا التي حبانا الله بها وكانت على مدى العصور والأزمان بوصلتنا في علاقتنا مع الآخر، وهل نبرىء أنفسنا من تفشي تلك الظواهر في مجتمعاتنا ونحن ما نحن عليه من تشرذم وتباين في الأفكار والتوجهات والتطلعات؟
وهنا يحضرني قول أحدهم «هناك شيئان يجعلان الإنسان حكيما، الكتب التي يقرؤها، والأشخاص الذين يقابلهم» إذا الحلول مطروحة على قارعة الحياة في استثمار كل ما من شأنه أن يعيد للحياة لونها الوردي، ويعيد للعلاقات الإنسانية بهاءها وطهرها ونقاءها.
والثقافة لاشك هي الطريق الأقصر والأجدى لصوغ إنسان الحضارة الواعي لمسؤولياته والمدرك لمهامه من أجل العيش في عالم تسوده القيم النبيلة بعيدا عن الصراعات والنزاعات والتهافت على دونيات الحياة.
والأخذ بالأسباب متاح في زمن بات كل شيء في متناول اليد عبر تقنيات التواصل الحديثة وعبر الإصدارات الجديدة من الكتب، إلى جانب الأنشطة الثقافية والفنية «المسرح، السينما، الدراما» هذه المقومات جميعها لو استثمرت بالطريقة المثلى، ستشكل الأساس المتين لنهضة ثقافية واعية تساهم في رفع مستوى المجتمع وتطوره في المجالات الحياتية كافة، وتضع لبنة صلبة في بناء الوطن والارتقاء بعلاقاته الإنسانية النبيلة وفق شعار «حياتنا ثقافة».
فاتن دعبول
التاريخ: الثلاثاء 29-1-2019
الرقم: 16896