العقوبات الاقتصادية ليست جديدة ولكنها لم تكن بهذه الشّدة في المرات السابقة وهذا يستدعي القيام بإجراءات غير مسبوقة لمواجهتها، والبداية تتم بتحديد الأولويات والتي يمكن حصرها بالمشتقات النفطية والقمح والدواء والكهرباء ومن ثم يتم العمل على تأمين التمويل لهذه القطاعات وهنا تكمن المشكلة، فالمواجهة تستدعي إجراءات استثنائية وتفويضات غير مسبوقة لحاكم مصرف سورية المركزي يُمكنه من خلالها تمويل الاحتياجات والتصرف دون الرجوع لأحد وذلك طبعا ضمن حدود، فهناك رقم للاحتياطي يجب ألا يقل عن حد معين وكل ما هو فوق هذا الحد يُمكن صرفه ووقف كل الصرفيات الأخرى إلا بعد تأمين الأولويات وهذا يعني ضرورة وقف كثير من المشاريع ولفترة تحددها التطورات.
الحزمة الثانية من الإجراءات يجب أن تذهب إلى القطاعات المُنتجة والتي كنا نتميز بها بالأساس مثل الصناعات النسيجية والدوائية والزراعية والتي تراجعت نتيجة الإجراءات والقوانين والمعالجات الضيقة لمشاكل هذه القطاعات ولغياب الرقابة الدقيقة من الجهات المختصة مثل التجارة الداخلية والجمارك العامة .
الصناعات النسيجية السورية سجلت سمعة جيدة على المستوى العالمي ولكنها اليوم خسرت الكثير من رصيدها نتيجة قرارات تجاهلت قطاع بكاملة لمصلحة عدد محدد من التجار كل شيء بالنسبة لهم هو الربح وحتى لو خسر البلد كل شيء، فالسماح باستيراد الأقمشة بهذا الشكل والتلاعب بالبيانات الجمركية لجهة المصدر ضرب هذا القطاع وجعل من الأسواق السورية وجهة مهمة للمنتجات التركية .
قبل الأزمة وحتى في سنينها الأولى كانت سورية تُصدر الدواء لأكثر من خمسين بلداً ولكن بغياب الرقابة والضمير تراجعت سمعة الدواء السوري وفاعليته وبات الدواء الأجنبي المعروف مصدره وفاعليه أو غير المعروف مصدره وفاعليته ينصح به الأطباء.
أيضا تصنيع المبيدات الزراعية يعاني من مشكلات تشريعية وقد فشلت كل المحاولات لتجاوز تسلط القائمين عليها لكن دون جدوى وقد أقر مجلس الدولة بحالة الخلل لكن الأمر ما زال قائما والمزارع يقع ضحية المبيدات المُهربة والمنتهية الصلاحية والفاسدة والمرتفعة الأسعار ومجهولة المصدر.
أهم القطاعات الإنتاجية تم ضربه خلال الأزمة من الداخل والمصلحة الشخصية لبعض التجار ومتخذي القرار وراء هذا الاستهداف ولذلك عندما نريد مواجهة العقوبات يجب أن نحصن أنفسنا من الداخل قبل أن نسأل عن الحلفاء والأصدقاء والبداية تكون من القطاعات الأهم للإنتاج الوطني والاحتياج الشعبي .
معد عيسى
التاريخ: الثلاثاء 5-2-2019
الرقم: 16902