ما أكثر العصافير الإنتاجية التي تم إصابتها وتشميلها بقرار الدعم اللامحدود للقطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني، وما أكبر النتائج والغلال التي تم قطافها من هذا القطاع الذي ذاق كغيره من القطاعات الحيوية والمهمة أمري العقوبات والحصار الاقتصادي، ومع ذلك نجح في تسجيل علامة فارقة ومميزة وبراءة اختراع (باسم الدولة والفلاح على حد سواء) لجهة ضمان عدم تسجيل فقدان أو غياب ولو بشكل جزئي أو مؤقت لأي منتج (استراتيجي أو رئيسي) مدرج رسمياً ضمن قائمة أمننا الغذائي الوطني.
هذا النجاح المهم واللافت الذي تم تحقيقه في زمن أشرس الحروب، ما كان له ليتحقق لولا الحالة الوطنية السورية الخالصة بين الدولة والفلاح والمزارع والمربي (في إطار تضامني حقيقي).
الذين رفعوا مجتمعين لا منفردين شعار الأرض لمن يخدمها ويزرعها ويحميها أيضاً ويحافظ عليها وعلى دورتها الإنتاجية التي مازالت نسبة مدخلاتها تسير بالتوازي مع مخرجاتها.
هذه المقدمات يمكن إسقاطها (على سبيل المثال لا الحصر) على المشروع الوطني للزراعات الأسرية وعناقيده التشغيلية التي لم تتوقف عند عتبة توزيع المنح الإنتاجية المجانية لا الاستهلاكية (بذار صيفية وشتوية وشبكات ري بالتنقيط) على عشرات آلاف المستهدفين في الريف السوري، وإنما تم ربطها إنتاجياً وبإحكام بمشاريع تنموية الأخرى، وصولاً إلى السلسلة الكاملة المتكاملة من التصنيع الغذائي المنزلي إلى مشروع إحداث أسواق وصالات لبيع منتجات النساء الريفيات في المحافظات، ولإكمال عقد هذا الملف من كل جوانبه جاء التحرك الأهم باتجاه تأطير عمل هذه المنظومة المتكاملة في سلسلة مشاريع النساء الريفيات بمرحلة الإنتاج والتصنيع والتسويق، وعليه ولعدم ترك الحبل على غاربه تم إحداث السجل الوطني لتسجيل مشاريع النساء الريفيات ليكون الإطار القانوني الذي سيساعد على تنظيم هذا القطاع الذي تمكن من حجز موقعه ومكانه ضمن الصفوف الأولى للقطاعات الداعمة لا الرخوة للاقتصاد الوطني.
كل ذلك وأكثر، جاء نتيجة نسف الدولة السورية لفكرة من لم يكن في يوم من الأيام خبيراً بالمجتمع السوري، عندما حاول إحلال المنح الاستهلاكية (سلة مساعدات) مكان الإنتاجية، لتحويل أبناء الكار الزراعي وشيوخه من فاعلين إلى لا حول ولا قوة، وهذا ما لم ولن يتم لا في القطاع الزراعي ولا حتى الصناعي، لأننا كنا ومازلنا وسنبقى نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع، ونصدر الفائض عن حاجتنا، وهنا تكمن كلمة سر الدولة السورية بمشاريعها الصغيرة والمتناهية الصغر.
عامر ياغي
التاريخ: الأثنين 4-3-2019
رقم العدد : 16923