كنا نحاف ان تقهر الثقافة الاقوى.. الأضعف.. وأن تنشر قيمها وثقافتها المهيمنة, مما يشكل وعياً منمطاً, تعمقه تقنياتها الحديثة..!
الأمر حدث فعلاً..!
بتنا نعيشه ونعاني تداعيات تهميش الثقافات المحلية, لصالح ثقافة متعربشة آنيا, فعاليتها لاتمتلكها من نوع فكري أو فني او ثقافي.. بل من منظورات متعددة, لاتكتفي بامتلاكها الأبعاد الموشورية, بل لديها قدرة على الجذب والتجدد والتأثير.
الأفلام الاكثر مشاهدة.. الروايات الأكثر مبيعا.. اهم المسلسلات العالمية التي تدور على شاشاتنا.. ان تابعنا مواضيعها, عناوينها, كلها تخضع لموجات معينة يراد لها أن تنتشر وتسوق الى حيث يشاء صناعها.
خلف كل هذه المنتجات شركات عابرة للقارات تدعم هذه المنتجات تحول أصحابها الى نجوم, وماركات أشبه بماركات الملابس أو العطور, لها جاذبية وبريق خلاب, لايكاد ينطفئ حتى يسارعون الى اشعال فتيل ثقافي جديد, يستلبنا بقوة أكثرمما فعل سابقوه..
في مواجهة هذا البعد الثقافي المهيمن.. كيف نرى واقع الثقافات الاخرى..؟
بنيانها متخلخل, غير محصنة, هي ليست عاجزة عن حماية ثقافتها فقط, بل غير قادرة على حماية مبدعيها وإبداعاتهم وتمكينهم, منعزلة تفتقد الى التأثير الواقعي, تعاني من غياب النخب, تزداد انعزالا وانغلاقا مع الوقت, تفتقر للتجدد.. تبتعد عن النقد.
لاتفكر بإعادة صياغة ذاتها انطلاق من المتغيرات الراهنة, والاخطر انها تمشي كالسلحفاة, حتى إنها لاتتسابق مع عناصرها ذاتها, يخيم عليها التقهقر والاقصاء..
بينما ثقافتنا تتابع غرقها في بؤر مظلمة بلا اي بوادر انتعاش قريبة.. نرى ثقافة الآخر التي نناحرها ونشتكي منها, تتنافس فيما بينها, قد لانقتنع بها, نبتعد عنها, لكنها في نهاية المطاف تعيش حالة تنافسية, إن لم نحاول فكفكة أسرارها, وشحن أدواتها المعرفية, لن نتمكن الإمساك ولو بتلابيبها الخلفية, تمهيداً للقفز فوقها أحيانا..!
سعاد زاهر
soadzz@yahoo.com
التاريخ: الأثنين 4-3-2019
رقم العدد : 16923