تتقدم مشكلة السكن على غيرها من المشاكل وتحتل مناطق السكن العشوائي صدارة هذا الملف، وعندما تم تغييب الحلول لمناطق السكن العشوائي حضرت هذه المناطق من باب سقوط عدة مبان راح ضحيتها عدد من العائلات والأشخاص ويقتصر الحل الرسمي على علاجات إسعافية مثل الإخلاء وتقديم بعض المساعدات.
سورية بلد يقع على فالق زلزالي وبالمتوسط كل 100 عام يحدث زلزال ومعظم القلاع تهدمت بفعل الزلازل، والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم في ظل توارد الأخبار عن وجود عدد من المباني آيلة للسقوط كم ستتحمل مباني مناطق المخالفات وتصمد أمام أي زلزال أو هزة أرضية وكم سيكون عدد الضحايا؟
معالجة وضع السكن العشوائي في مناطق المخالفات ليس بالمعضلة وليس هناك مشكلة مادية، المشكلة تشريعية قانونية وهذه أبسط أنواع المشاكل، ولكن خلفية المشكلة ليست كذلك وإنما هي مشكلة صراع مصالح بين أشخاص تاجروا ومستعدين للتجارة حتى بأرواح الناس، والطامة الكبرى أن بعض هؤلاء الأشخاص في مراكز صياغة هذه التشريعات والقوانين وإصدار القرارات وكانت صراعاتهم وراء توقف عدد من المشاريع وتنظيمها.
حل مشكلة السكن يمكن أن تنطلق من مناطق السكن العشوائي الذي يطوق المدن الرئيسية، فبدل أن نبني الضواحي البعيدة التي تزيد من أعباء الناس يُمكن تنظيم مناطق السكن العشوائي انطلاقاً من نقل ملكيتها لشاغليها ومن ثم إعداد مخططات لبناء هذه المناطق وطرحها على القطاع الخاص بشروط وأسس واضحة تنظيمياً وعمرانياً وبيئياً بحيث يكون حق الانتفاع والاستثمار واضحاً ومقونناً يضمن حق جميع الأطراف وألا يكون أساس الطرح. ما هي حصة الدولة في ذلك؟، لأن حق الدولة محفوظ، فهناك من قام بحل مشكلة تمويل وإنشاء البنى التحتية وحل مشكلة فشلت الحكومات المتعاقبة في حلها.
إعادة الإعمار تبدأ بإعمار هذه المناطق وتنظيمها وحل مشكلة آلاف الشباب الذين قدموا أغنى سنوات أعمارهم لأنهم كما حموا البلد سيبنونه، وما يتم طرحه من مشاريع إسكان لا يليق بهوية بلدنا ولا يحل مشكلة، فهل يُعقل أن يكون بيت المستقبل بمساحة 60 متراً؟ ما الحالة التي سيكون بها ساكنوها بعد أن تصبح بيوتاً عائلية لأربعة أو خمسة أشخاص؟
ما يُطرح من حلول ليس إلا وجبات سريعة لا تسد جوع، سرعان ما يبحث متناولوها عن مطعم آخر يُقدم وجبات عائلية.
معد عيسى
التاريخ: الثلاثاء 5-3-2019
الرقم: 16924