ودائع في حنايانا

 

 

أحب وداع من أغادرهم بجملة غالية على قلبي، أستودعكم الله كانت تقولها جدتي (مودعين بالله). هي دعوة للسلامة، أشعر فيها بالكثير من الطمأنينة على من أحب، فهل ما زلنا نحمل ودائع الوطن في قلوبنا، نودعها الله إلى أن تذوب شموع أعمارنا.
عودة آذار هذا العام أحيت فينا ودائع حرمنا جماليتها؛ خلال الحرب البغيضة التي سرقت ضحكتنا التي لم نسمع صوتها، طوال اغتصابها سنوات عمرنا القاحلة، يعود متوِّجَاً أسبوعه الأول بذكرى ثورته، التي أحيت بوار نفوس ضاقت بعسر أيامها.
إنجازاتها أَثْرَتْ الوطن بفكر البعث الخلاق، ونهجه الذي عزز الهوية الوطنية، ومنح المواطن بكل الفئات، خاصة الفلاح والعامل، القدرة على امتلاك حريته ومقدَّراته، وتجددت مسيرة الثورة بعد التصحيح المجيد، الذي قاده الخالد التاريخي حافظ الأسد.
أحيا التصحيح الأحزاب الوطنية، وواجه تحديات العالم، لبناء سورية حديثة ناهضة، اقتصادياً وعلمياً واجتماعياً وفكرياً، ورسخ استحقاقات وطنية، وآلياتٍ كان الحامل الرئيس فيها جماهير الثورة والتصحيح، بفكر متجدد قابل لمواكبة التطور العالمي.
استمرت ثوابت نهج الثورة، بالمحافظة على هويتها المنتمية لعروبتها، وتعزز فكر المقاومة حتى صار ثقافة، مع مسيرة التحديث التي قادها الرئيس بشار الأسد بمعيار الوعي، والحرص على الاهتمام بسبر أغوار المعرفة، وتأمين العيش الرغيد للمواطن.
ولولا أن ثورة آذار بمشروعها الوطني والقومي، وعقيدة منتجها السياسي والعسكري والجماهير الذين خرجت من صفوفهم، رَسَخَتْ في ضميرهم، وليس البعثيين فقط لما استطاعت سورية مواجهة التحديات، التي ضغط بها أعداؤها في حرب الإرهاب.
ولما قاد الرئيس حافظ الأسد نهج تطبيق الفكر على الواقع بالممارسة الفعلية، التي جعلت المصلحة العامة للوطن والمواطن هي معيار قوة الوطن، استحق لقب القائد المؤسس ورسخ الثوابت المبدئية السيد الرئيس بشار الأسد، وأرسى قواعد توفيقها مع التطور.
كل ذلك منح ثورة آذار زخم التجدد، ومع الانعطاف نحو جيل الشباب، تجدد الفكر الاقتصادي والسياسي، وتجددت صورة البعث فأصبح قائداً لكل الجماهير في فضاء وطني، فيه عشق الوطن وقائده سر صموده وانتصاره على حرب الإرهاب الهمجية.
تلك كانت وديعة الوطن الأولى لنا، فهل سنكمل المشوار ونحمل الوديعة الأمانة، أما الوديعة الثانية فهي المرأة وعيدها توءم ثورة آذار، أهو محسوب أم تزامن ذو صدفة ليمنح المرأة السورية قوة إضافية، سعت ثورة آذار والتصحيح منحها إياها عما تملك.
تزايدت قوة المرأة السورية الغارقة في عمق التاريخ المخمودة في عهود التتريك والاستعمار المناهضة لإثبات وجودها، فتسامقت تتعالى منذ آذار الثورة وصولاً لما نالها من مكانة بعد التصحيح، ثم سجايا من الرئيس بشار الأسد لتصبح وجوداً كيانياً.
تُرانا نستطيع احتضان وديعة المرأة السورية، أُمَّ شهيد أو مصاب أو جريح أَمْ ربة أسرة تحملت أعباء ونتائج حرب، نالها من آثارها الكثير مما لم يصب أيَّاً من نساء الدنيا حتى الألمانيات في الحرب العالمية الثانية، فقد بيعت سلعة في سوق النخاسين.
كم من الجهد تحتاجه المرأة السورية، لتتعافى من آثار حرب داعش وأخواتها، جهد حكومي وأهلي ومؤسساتي، من كل المكونات الوطنية ذات الشخصية الاعتبارية، الأم الوديعة الأغلى، أيقونة العمر المعلقة في رقاب شرفاء الوطن، من البداية حتى الأزل.
تتأكد قوة المرأة السورية، في خلق عيد للأم، الذي شع نبراسه من سورية لتضاء شموعه في الوطن العربي، تزامناً مع بدء فصل الربيع، وتفتح أكمام الزهر على أغصانه في بلد عِطْرُ العالم بدأ من جوريِّه الذي روي زمن الحرب من ندى حزننا.
أما الوديعة التي تتربع عرش قلوبنا هي المعلم، الذي نحتفي به في ذات آذار الودائع الراقدة في حنايانا، أيكفيه يوم في العام لنقوم له تكريماً وتبجيلاً، وهو الذي يستحق أعلى مكانة وطنية، فهو الذي يبني الأجيال ويرسم للوطن صورة الغد المشرق.
وديعتنا معلمو النشء، كم من العناية لا بد تُقَدَّمْ لهم حكومياً، لتكون حياتهم أقل عناءً لأجل تكريس كل الوقت لصالح عملية التربية والتعليم المنوطة بهم، فهم رسل بحق لا بد من توفير حياة كريمة لهم فكلما تعالت مكانتهم تعالت مكانة العلم والوطن للعلا.
هل سيكون المعلم في وطننا يوماً في المكانة التي تجعله بمرتبة توازي المعلم الياباني أو الماليزي اللذين بفضلهما تسارعت نهضة البلدين، في زمن إن قيس في تقويم الحياة هو قصير جداً، هل نتفوق على أنفسنا ببعض القرارات الناهضة العادلة.
هي ودائع تسكن حنايانا كسكنى الوطن فينا، هل لنا أن نواكب فكر السيد الرئيس لنثبت للعالم أن صمودنا وتتابع انتصاراتنا نحو النصر الكبير واحدة من الثوابت فينا ومعركتنا في التطوير والتحديث، تتجاوز الإصلاح الذي افتعلوه شعاراً لتحطيمنا.
ما زال فينا متنفس يملأ رئاتنا بالهواء ستبقى ودائع الوطن أمانة نحفظها لتظل سورية التاريخ والحضارة أنموذج الحاضر المحتذى، والمستقبل الذي يتسابق عشاق أوطانهم ليحذوا حذوها.. كل آذار سيأتي ستتألق السيدة سورية بأبهى أثوابها الربيعية الحقة.. مزدانة بأعيادها، كل عام وأنت أكثر تعافياً يا وطني، كي لا نكون فيك الغرباء..
شهناز صبحي فاكوش
التاريخ: الخميس 14-3-2019
رقم العدد : 16931

آخر الأخبار
٥٠ منشأة صناعية جديدة ستدخل طور الإنتاج قريباً في حمص الإعلام على رأس أولويات لقاء الوزير مصطفى والسفير القضاة وزير الإدارة المحلية والبيئة يوجه بإعادة دراسة تعرفة خطوط النقل الداخلي سجن سري في حمص يعكس حجم الإجرام في عهد الأسد المخلوع ميشيل أوباما: الأميركيون ليسوا مستعدين لأن تحكمهم امرأة لجنة السويداء تكسر الصمت: التحقيقات كانت حيادية دون ضغوط الضرب بيد من حديد.. "داعش" القوى المزعزعة للاستقرار السوري من الفيتو إلى الإعمار.. كيف تغيّرت مقاربة الصين تجاه دمشق؟ انفتاح على الشرق.. ماذا تعني أول زيارة رس... تفعيل المخابر والمكتبات المدرسية.. ركيزة لتعليم عصري 2.5 مليار يورو لدعم سوريا.. أوروبا تتحرك في أول مؤتمر داخل دمشق مغترب يستثمر 15 مليون دولار لتأهيل جيل جديد من الفنيين بعد زيارة الشيباني.. ماذا يعني انفتاح بريطانيا الكامل على سوريا؟ فيدان: ننتظر تقدّم محادثات دمشق و"قسد" ونستعد لاجتماع ثلاثي مع واشنطن وفود روسية وتركية وأميركية إلى دمشق لمناقشة ملف الساحل وقانون "قيصر" رغم نقص التمويل.. الأمم المتحدة تؤكد مواصلة جهود الاستجابة الإنسانية بسوريا بين "داعش" و"قسد" وإسرائيل.. الملفات الأمنية ترسم ملامح المرحلة المقبلة المنطقة الصحية الأولى بجبلة.. نحو 70 ألف خدمة في تشرين الأول تفجير المزة.. هل حان وقت حصر السلاح بيد الدولة؟ عودة محطة بانياس.. دفعة قوية للكهرباء واستقرار الشبكة نحو شوارع أكثر نظافة.. خطوات جديدة في حلب