يؤكد جميع المختصين والمهتمين والمتابعين أن الدول التي شهدت وتشهد تطوراً كبيراً في كل مناحي حياتها إنما اعتمدت وما زالت على البحث العلمي بكل أشكاله، وعلى تطبيق نتائج الأبحاث التي توصل إليها الباحثون على أرض الواقع.. ويؤكدون أيضاً أن الاستثمار في البحث العلمي داخل تلك الدول من قبل أصحاب رأس المال هو الأكثر مردوداً وتنمية مستدامة ودعماً للاقتصاد الوطني..الخ.
السؤال الذي يفرض نفسه في ضوء ما تقدم أين نحن من الاعتماد على البحث العلمي وتطبيقاته العملية؟ الواقع يجيب.. وكل من له علاقة بالجامعات والجهات العامة وغير العامة يجيب أيضاً أن قطاع البحث العلمي عندنا في وضع سيئ جداً سواء لجهة عدد الباحثين الحقيقيين، أم لجهة عدد الأبحاث ونوعيتها، أم لجهة تطبيقها على أرض الواقع، أم لجهة المبالغ المخصصة في موازنات الجهات العامة، أم لجهة دعم الباحثين مادياً ومعنوياً، أم ..الخ.
نعم الحديث عن هذا الجانب المهم ذو شجون والأدلة على ذلك كثيرة جداً ليس من مراكز ومعاهد البحث العالمية التي سبق وصنفت جامعاتنا في المؤخرة، إنما على لسان أساتذة جامعاتنا أنفسهم، وعلى لسان كل من له علاقة بالأمر، خلال الملتقيات والندوات التي أقيمت تحت هذا العنوان ومنها الملتقى المعرفي الثالث للأكاديميين السوريين الذي خصص إحدى جلساته أول أمس للحديث عن الجامعة والبحث العلمي، وقبله ورشة العمل الموسعة التي أقامتها بدمشق منذ أيام وزارة التعليم العالي حول متطلبات تطوير البحث العلمي وغيرهما الكثير.
ففي الملتقى المعرفي الذي أقيم في طرطوس سمعنا كلاماً لا يسر الخاطر أبداً عن واقع البحث العلمي بدءاً من عدم وجود رغبة حقيقية لدى الجهات الوصائية، مروراً بافتقارنا للأكادميات البحثية، وغياب المعلومات وقواعد البيانات، وتدني مستوى الابتكار، وضعف الكادر، وعدم وجود استراتيجيات واضحة، وليس انتهاء بضعف التمويل إضافة لعدم صرف ما يرصد، وعدم تسويق وتطبيق أي بحث معتمد ومحكم ومنشور في المجلات العلمية!
ونختم بالقول إن معالجة هذا الواقع تتطلب وضع مشروع متكامل واستراتيجيات وآليات عمل تنفيذية شفافة على مستوى المركز والمحافظات والجامعات، والمتابعة الجادة من قبل الجهات المشرفة وفق آليات جديدة نشارك فيها الإعلام ونتركه يمارس من خلالها دوره الحقيقي في كشف وفضح كل من يقصّر ويرتكب في هذا المجال وفي الإشادة بكل من يعمل بصدق وإخلاص ويساهم في تطوير البحث العلمي وتطبيق الأبحاث المقدمة والمنشورة في المجلات العلمية المعتمدة محلياً وعالمياً.
هيثم يحيى محمد
التاريخ: الخميس 14-3-2019
رقم العدد : 16931