ترى إدارة ترامب أن مواجهة القوة الإلكترونية والتجارية لبكين يجب أن تكون أولوية لحلف الناتو .
ويقول مسؤولون أمريكيون وأوروبيون إن إدارة ترامب تمارس ضغوطا يومية على حلف الناتو للتصدي للتهديدات المحتملة من الصين، كما تعمل الإدارة الأميركية منذ أشهر على إقناع الأوروبيين برفض الاستثمارات الصينية في البنية التحتية وشبكات الاتصالات الحيوية في القارة، في حين استقبل حلفاء أميركا الأوروبيين هذا التوجه بفتور حيث بدؤوا يشعرون بالضيق جراء الحرب التجارية الأمريكية-الصينية والانتقادات العدائية التي يوجهها الرئيس دونالد ترامب للاتحاد الأوروبي وحلف الناتو.
ويشكك بعض الأوروبيين في أن الناتو الموجه ليكون قوة ردع في وجه روسيا والذي لا يزال يشارك في القتال المستمر منذ سنوات في أفغانستان ، سيكون منتدى جيدا لمواجهة هذا التهديد، إذ لم يسبق أن كانت الصين موضوعًا محوريًا للتحالف، وفي هذا الإطار، تحدث مسؤول دفاع أوروبي طلب عدم الكشف عن هويته قائلا: «ربما تشكل الصين تهديدا لحلف الناتو،ولكن هذا لا يعني أنه علينا الرد عبر الناتو «.
في حين تضمن خطاب الأمين العام لحلف الناتو ستولتنبرغ في مؤتمر أمني كبير في ألمانيا الشهر الماضي ما اعتبر تحولا في توجه الحلف، حيث قال: «هناك إمكانية حقيقية للشراكة والحوار السياسي لكن نهوض الصين يمثل أيضًا تحديًا» ، مشيرًا إلى استثمارات الصين في البنية التحتية الحيوية في أوروبا ، بما في ذلك شبكات الاتصالات اللاسلكية من الجيل الخامس.
وأضاف ستولتنبرغ في مؤتمر صحفي يوم 14 آذار: «سنواصل التشاور والتقييم ، وننظر فيما إذا كان للناتو دور يلعبه في معالجة الجوانب الأمنية المتعلقة بهذا النوع من البنية التحتية ولكنه من المبكر جدا الحديث عن أي نتيجة للمشاورات التي تجري الآن «.
وأوضح المسؤولون الأميركيون الذين تحدثوا إلى مجلة فورين بوليسي أن واشنطن لا تدفع الناتو لمواجهة الصين ، التي لا تزال ثاني أكبر شريك تجاري لأوروبا وواحدة من أهم العلاقات الاقتصادية للولايات المتحدة.
وقال مسؤول أميركي: «لا يتجاوز الأمر المناقشات مع الحلفاء في هذه المرحلة ، لكنها مناقشات ضرورية».
غير أن مناقشة المسألة في الناتو «لم تكن شيئًا طبيعيًا» ، وفقًا لمسؤول دفاع أوروبي على دراية بالمداولات الداخلية،»فالصين ليست تهديدًا عسكريًا مباشرًا لحلف الناتو،لكن هناك بعض المسائل التي يمكن أن ينظر إليها حلف الناتو، وقد ذكر المسؤول تهديدات الأمن السيبراني المتزايدة التي تشكلها الصين وبعض التعاون العسكري الروسي والصيني ، واستثمار شركة هواوي العملاقة للاتصالات الصينية في البنية التحتية للجيل الخامس في أوروبا ، والتي يصورها المسؤولون الأمريكيون كحصان طروادة لجواسيس بكين الرقميين.
وقالت متحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية: «لقد كانت الولايات المتحدة واضحة للغاية في أننا مهتمون ببعض الاستثمارات الأجنبية والسيطرة على البنية التحتية الحيوية ، بما في ذلك الاتصالات السلكية واللاسلكية وعناصر النقل،إذ تمثل هذه الاستثمارات تحديا للأمن عبر المحيط الأطلسي ، بما في ذلك مؤسساتنا.»
ويلاحظ أن المسؤولين الأمريكيين يشعرون بالقلق من حصول الصين على الكثير من مواطئ القدم التجارية في بعض أكبر وأهم موانئ أوروبا والتي يخشون أن تستخدمها الصين لممارسة النفوذ السياسي على الحكومات الأوروبية.
وفي جولة له في أوروبا الوسطى الشهر الماضي ، حذر وزير الخارجية مايك بومبيو البلدان الأوروبية من إقامة علاقات أوثق مع موسكو وبكين ، مستشهداً بشركة هواوي كمثال على تكتيك الصين المتمثل في إخفاء الأهداف الجيوسياسية في المشاريع التجارية،وقال خلال توقفه في بودابست: «مصافحة بكين تأتي في بعض الأحيان بخيوط وسلاسل ستترك المجريين مدينين سياسيا واقتصاديا». كما هددت الولايات المتحدة بكبح التعاون الاستخباراتي مع الحلفاء الذين سمحوا لشركة هواوي ببناء بنية تحتية جديدة للإنترنت المحمول.
لكن يبدو أن التحذيرات لقيت آذانا صماء ، حيث تشير ألمانيا وبريطانيا ودول أوروبية أخرى إلى أن لا نية لديها لحظر شبكات الجيل الخامس من شركة هواوي .
ويرى مسؤولون أوروبيون أن المخابرات الأميركية لم تقدم دليلاً كافياً على أن بكين تستخدم شركة هواوي لسرقة المعلومات ، وفقاً لصحيفة نيويورك تايمز.
ويبدو أن بعض الدول الأوروبية مصممة اليوم على مقاومة الضغط الأمريكي بخصوص الصين، فيوم الثلاثاء الماضي ، كانت إيطاليا أول بلد أوروبي يوقع على مبادرة وحدة الحزام والطريق الصينية ، وهو مشروع طموح للاستثمار في البنية التحتية بقيمة تريليون دولار لربط الصين بأوروبا وأوراسيا وإفريقيا.
عن مجلة فورين بوليسي الأميركية
أمل سليمان معروف
التاريخ: الأحد 25-3-2019
الرقم: 16939