فاجأني الدكتور سمير الأسد مدير عام المؤسسة العامة للجيولوجية أن في سورية حديداً قابلاً للاستثمار التجاري، فمذ كنّا في المدرسة الابتدائية قرأنا أن الحديد في الزبداني وراجو وهو بكميات قليلة والجدوى من استخراجه معدومة…! – كان هذا صحيحاً – قبل خمسين عاماً – إذ كان استخراج كل طن حديد يحتاج إلى استهلاك ثلاثة أطنان فحم حجري ما يجعل التكلفة باهظة والاستثمار خاسراً، أما الآن فإن طن الحديد يمكن الوصول إليه عبر اللجوء إلى وقود رخيص ومتوفر في سورية هو (الغاز الطبيعي) إذ إن كل طن غاز يعطي طناً من الحديد وبتكلفة شبه مجانية (إنتاج سورية حاليا أكثرمن ١٦ مليون م٣ من الغاز الطبيعي – وهو غاز آخر لا يصلح للاستخدام المنزلي في الاسطوانات إياها إلا بعد المعالجة التي تتيح ١٠% فقط منه للمنزلي).
جرى هذا الحوار في أجواء المؤتمر العلمي الجيولوجي الثالث الذي انعقد في دمشق مؤخراً بعد انقطاع دام تسع سنوات. كانت المقارنة – صارخة – ففي محاضرة للمهندس قيس من المؤسسة العامة للصناعات الكيماوية جرى الحديث عن الاستفادة من البازلت في صنع الخيوط وأنابيب نقل النفط والغاز وأنابيب الصرف الصحي وهي أكثر متانة بكثير من الحديد ولا سيما لجهة القضبان البازلتية للبناء، والمحاضرة دراسة جدوى تقنية واقتصادية لإقامة مصنع سوري -روسي مشترك يستفيد من البازلت السوري صناعيا، علماً أن طن البازلت المصنع بثلاثة آلاف دولار وأن ثلث سورية بازلت ولا سيما في السويداء حيث جرت الدراسة أو في حمص وجبالها.
ولعل الإشارة إلى هذا المصنع وفرت إجابة مختلفة وجديدة عن السؤال المزمن المر والموجع: ترى ما مصير البحوث القيمة التي نسمع بها ولا نرى لها أثراً في واقعنا…! إجابة مرتبطة بمرحلة جديدة في سورية هي مرحلة إعادة الإعمار غيرالقابلة للتأجيل أو التجاهل، إنها قيامة سورية المنتصرة.
إن الإصغاء لمثل هذه البحوث في مؤتمر علمي رفيع المستوى مبهج ومنعش، فهو يوفر صورة واقعية عن غنى سورية الآن بالعقول المليئة والمفكرة، ويروي ظمأ الباحثين عن معرفة مفيدة.
قد يكون الأهم من ذلك كله أن المؤتمر قد نص في عنوانه على الأثر البيئي، وكان ذلك حاضراً في أكثر من محاضرة ولن أنسى أبداً كيف أن أحد الخبراء رفع يديه مندداً بمن يقطع شجرة: الشجرة حياة، فقيل له لا تنمية مستدامة دون مراعاة للبيئة، التعليمات الآن عدم إقامة مقلع إلا على بعد ١٠٠٠ متر من أي شجرة.
أروقة محلية
ميشيل خياط
التاريخ: الخميس 4-4-2019
رقم العدد : 16948
التالي