عندما أعلن بعروبته الرئيس ميشيل عون: (يجب أن تكون سورية جزءاً من القمة العربية) أذعن المطبعون مع الكيان الصهيوني والمسفرون عن اندفاعهم نحو التطبيع لأوامر أمريكا والأمم المتحدة المؤتمرة بأمرها، بالرفض، وهنا بدا التباين والتهرب.
اللوحة الناطقة التي عبرت عن الموقف الحقيقي لما يجول في وجدان الأمة كانت في الحشود الشعبية التي واجهت قاعة المؤتمر. بما رفعه المؤتلفون من لافتات تقول لا لقمة العملاء والمطبعين. وَرَفْعُ العلم العربي السوري وصور الرئيس بشار الأسد.
تكررت اللافتات التي ترفض قرارات ترامب حيال الجولان والقدس، وأن لا فائدة من قمة الظل، ما كشف حقيقةً عن الفجوة الواسعة بين الأنظمة العميلة المرتهنة، وبين جماهير ما زالت تحمل ضميراً حياً، تؤكد فرض حضورها لأجل دور مستقبلي.
تلك الحشود قالت كلمتها برفضها التطبيع، ودعوتها لوقف الحرب على اليمن، وأن رفض قرار ترامب حيال الجولان المحتل، يكون بعودة سورية للجامعة فأيّ قمة في غيابها لا نتائج جوهرية لها.
كيف لها أن تكون ذات نتائج صادقة؛ وحكومات دول القمة ترضخ لإملاءات ساكن البيت الأبيض، والتهرب من مواجهة القضايا المصيرية للأمة، ومعظم حضورها يوافق ضمناً على تصفية القضية الفلسطينية، ويدين أي عملية ضد الكيان الصهيوني
بيان القمة التونسية جاء بكلام عام كما كل القمم وأكثر، حيث لا آليات رادعة، ولا متابعة لما صدر من بنود، هي قمة لزوم ما يلزم، وكأنه واجب لا بد من تأديته كأي واجب عزاء، فلا ملامسة لطموحات العرب ولا مقاربة حتى للواقع الراهن الساخن.
بدا الأكثر إيلاماً للشرفاء، وسعادةً للأعداء، غرق مدعي قيادات شعب هذه الأمة في نوم على مقاعد قمتهم، ما جعل العدو الصهيوني يتمنى لهم نوماً هانئاً وأحلاماً سعيدة، وهو يشرب نخب تفاهاتهم، واثقاً أنها قمة خذلان، لن ينتج عن مجتمعيها ما يزعجه.
حقيقةً أن مشاركة روسيا والصين؛ شكّلا ضغطاً ضد ترامب، حيال قرار إهدائه الجولان، إلا أن العرب لم يصلوا لمفيد يلامس طموحات شعبهم، فلم تتعد مواقفهم الشجب الكلامي والإجماع على أن الجولان سوري! أحقاً؟.. هل جاؤوا بجديد؟؟..
الجولان وفلسطين والقدس، قضايا سياسية جوهرية بامتياز، لا يمكن التغاضي عنها، فهل أخذت حقها على طاولتهم أم كان العصير كافياً لاحتلال سطحها، ومنحهم الاسترخاء الكافي للنوم الهانئ، والأحلام الوردية تحقيقاً لأمنيات عدوهم الودود.
السؤال: هل وقف أحد منهم إلى جانب سورية وهي تحارب الإرهاب نيابة عنهم وعن العالم، أليسوا هم المتآمرين عليها، والمراهنين على إنهاك جيشها، وتدمير اليمن وتفكيك العراق قبلاً، وحشر ليبيا في دوامة الفوضى، لكن أمانيهم تبوء بالفشل.
قمة يغيب عنها ملك البحرين لانشغاله بالتحضير لاستقبال وفد صهيوني لتمتين العلاقات بين الكيان ومملكته، قادة جعلوا من دولهم إِمَّعاتٍ أضعف من أن تحمل قدرة الدفاع عن حرية القدس عاصمة لفلسطين، وحماية اليمن من بطش السعودية
قمة ينسحب منها أمير قطر بعد بداية جلسة الافتتاح بقليل لأن التهكم على أردوغان يخدش مشاعره، التونسي يدعو لتكثيف التحركات مغتاظاً (من غير المقبول تصدر قضايا الإرهاب أعمال القمة)، المفارقة حشود أهلنا في تونس منددين بقمة الخذلان.
الواضح أن قادة الدول أضعف من القدرة على صياغة الكلمات، رغم اللغة اللينة غير الهجومية تجاه إيران وإبداء التعاون، لعدم التدخل في القضايا الداخلية، وحسن الجوار، توضح التلميح بالعدائية تجاهها، حيث لم يغب في فحوى ما ألقي من كلمات.
أجمع أنطونيو غوتيرش الأمين العام للأمم المتحدة، وممثلة الاتحاد الأوربي، وأبو الغيط، والموريتاني والكويتي، على أن لا شرعية سيادية على الجولان إلا لسورية، وأن الكيان الصهيوني (إسرائيل) تقضم الأراضي العربية، ما يضر بعملية السلام.
السعودي يعلن أن رفضه المساس بسيادة سورية على الجولان، على رأس اهتمامات المملكة.. حقاً.. لكن ماذا عن كل الإرهاب المُصَدَّرْ لنا والمُحْتَضَنْ صهيونياً، ومعسكرات تدريبه على أرضكم قرب الحدود المؤدية لسورية.
إضاءات
شهناز فاكوش
التاريخ: الخميس 4-4-2019
رقم العدد : 16948