يعتقد أوليفر هولمز أن زعيم الحزبين الأزرق والأبيض بيني غانتز، هو الشخص الوحيد الذي يمكنه تحدي بنيامين نتنياهو في ماسونيته في انتخابات إسرائيل عام 2019، فمن المقرر أن يدلي الإسرائيليون بأصواتهم الثلاثاء في انتخابات قد تنهي فترة رئاسة بنيامين نتنياهو المليئة بالمشكلات والحروب التي استمرت 10 سنوات.
وإن أعيد انتخابه فسيكون أول رئيس وزراء إسرائيلي خدم الصهاينة وأضرّ بالعرب كل هذه الفترة من الزمن ما يجعل إعادة انتخابه شبه مؤكدة، وهو لا يزال يحاصر بجنده ملايين الفلسطينيين، فقد تحوّلت إسرائيل تحت ولايته بشكل كبير إلى اليمين المتطرف من أجل تجنب الأصوات المنتقدة لأعماله الوحشية والشيطانية ضد الشعب الفلسطيني، واستمر نتنياهو بعلاقاته الخارجية مع رجال استبداديين من أجل قمع الفلسطينيين.
الأمر الذي أزعج حتى مؤيديه الأقوياء لأن نتنياهو استعان ببعض الشخصيات الأكثر عنصرية في السياسة الإسرائيلية للحفاظ على مقعده، في خوض سباق ضيق لإعادة انتخابه، ففوز نتنياهو قد يؤدي إلى جلب أصوات أكثر تطرفاً إلى أقصى اليمين، فهو أبرم اتفاقية انتخابية مع حزب من المتطرفين ويدعى «القوة اليهودية».
لقد اندمجوا مع فصائل يمينية أخرى لتشكيل كتلة أكثر قوة من شأنها أن تمنح نتنياهو فرصة أفضل لتشكيل حكومة أكثر دموية إن هو فاز «كالقوة اليهودية»، التي يستنكر سياساتها حتى اللوبي الصهيوني والحلفاء الايديولوجيون للحاخام السابق مئير كاهان الذي طالب بالطرد القسري للفلسطينيين بمن فيهم أولئك الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية.
ففي استطلاع أجراه مؤخراً معهد اسرائيلي بخصوص أن هناك قضايا فساد ضد نتنياهو. حيث يخضع لتهديد حقيقي بتوجيه الاتهام في ثلاثة تحقيقات منفصلة تتعلق بالكسب غير المشروع، وقال كل من الشرطة والمحامي العام إنهما يعتقدان أنه يجب توجيه تهم إليه، إذا تم إعادة انتخابه، فستكون الجلسة التمهيدية التي يستطيع فيها الدفاع عن نفسه ملوثة بالأشهر الأولى من ولايته الخامسة، وتتضمن إحدى الحالات اتهامات بتلقي هدايا، بما في ذلك الشمبانيا الوردي والمجوهرات من المليارديرات الدوليين في مقابل الحصول على خدمات، والتواطؤ مع الصحيفة الأكثر مبيعاً في البلاد لإيذاء منافستها في مقابل تغطية مواتية. والقضية الثالثة والأكثر خطورة تتهم نتنياهو بتقديم حوافز لمزود الاتصالات بيزك الإسرائيلي مقابل قصص إيجابية في موقع إخباري على الإنترنت يملكه. و يقول الكاتب لكن ماذا عن القضية الفلسطينية لم يذكرها نتنياهو أبداً فهو اعتبرها غير موجودة، بينما في الانتخابات الماضية، كان السلام مع الفلسطينيين هو العامل الرئيسي للناخبين، فقد اختفى فعلياً الآن.
فقد عزلت الحكومة الإسرائيلية الفلسطينيين في جيوب مغلقة ومحاصرة ، بسبب تراجع الضغوط الدولية لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، هذا ويخوض حزب «الليكود» سباقاً انتخابياً ينافسه فيه بضراوة حزب جديد معروف بـ «تحالف أزرق وأبيض»، وهو حزب يميني وسطي اكتسب شعبية في استطلاعات الرأي في الأشهر الأخيرة، لكن الأحزاب الأخرى قد تحظى بنفوذ واسع ومؤثر، في نهاية الأمر، عند تشكيل حكومة ائتلافية، لو خرج نتنياهو منتصراً من المعركة الانتخابية، سيتجاوز بذلك الراحل ديفيد بن جوريون كأكثر رئيس وزراء احتفظ بمنصبه في تاريخ اسرائيل، فقد تمكن نتنياهو من الفوز بثلاث مدد انتخابية منذ عام 2009
ففي الماضي أيد نتنياهو حلّ «الدولتين» فيما يتعلق بالنزاع الإسرائيلي الفلسطيني، لكنه غيّر رأيه قائلاً إنه يؤيد حل «دولة ناقصة»، أو دولة بدون جيش، تحت سيطرة إسرائيل الأمنية.
وأثناء الحملة الانتخابية حذّر رئيس الوزراء الإسرائيلي من أن منافسيه سيسمحون ببناء دولة فلسطينية، مشيراً إلى أن ذلك تهديد مدمر لإسرائيل، لقد أحدث قرار النائب العام الإسرائيلي بتوجيه تهم إلى نتنياهو في ثلاث قضايا فساد، وتنتظر جلسات الاستماع الأخيرة، شرخاً في الحملة الهادفة لإعادة انتخابه رئيساً للوزراء.
ويظل الوضع حتى الآن مبهماً بشأن ما إذا كانت هذه التهم، في نهاية الأمر، ستدفع المؤيدين للالتفاف حوله أم إنها ستبعد الناخبين عنه.
ولو تمكّن غانتس زعيم تحالف أزرق وأبيض من تشكيل الحكومة القادمة، فمن المرجّح أن يضطر إلى الاعتماد على الأحزاب اليمينية والدينية الأخرى، ومن أجل استمالة الناخبين اليمينيين للتصويت له بدلاً من التصويت لنتنياهو، وتحدّث غانتس بلهجة حادة ضد إيران وكرر نفس مواقف نتنياهو بخصوص القضية الفلسطينية وتجنب ذكر حل الدولتين.
كما نفى الانسحاب، أحادي الجانب، من الضفة الغربية المحتلة متعهداً بتعزيز بناء المسوطنات هناك والحفاظ على حرية حركة القوات الإسرائيلية في الضفة، ويعتبر القانون الدولي المستوطنات غير شرعية، لكن إسرائيل لا تتفق مع هذا الرأي، وتربي غانتس، وهو أحد أبناء الناجين من المحرقة اليهودية، في مجتمع ريفي.
وتقلد عدة مناصب مهمة في الجيش خلال خدمته التي امتدت عبر 38 عاماً، وشملت هذه المناصب قائد القوات الإسرائيلية في جنوب لبنان أثناء الانسحاب في عام 2000، وقائد القوات الاسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة في بداية الانتفاضة الفلسطينية الثانية، كما عمل رئيساً للأركان من 2011 إلى 2015، ولإزاحة نتنياهو من منصبه، يلزم تحالف أزرق وأبيض حشد الأحزاب الصغيرة إلى جانبه، لكن ليس واضحا إن كان بمقدوره الحصول على مقاعد انتخابية كافية تمكنه من الفوز بالأغلبية في الكنيست، ومهما يكون من أمر ومن سينجح في صناديق الاقتراع، سواء نتنياهو أم غانتس فكلاهما وجهان لعملة واحدة تمثلان عنصرية إسرائيل وعدوانها للفلسطينيين.
أما مرشح حزب اليمين بينيت فقد أكد على «الحاق الهزيمة» بحماس لو فاز اليمين الجديد بالانتخابات، وأعلن عن خطة ذات خمس نقاط من بينها «قصف جوي لحماس» و»اغتيالات محددة» لقادة الحركة بالإضافة إلى «نزع السلاح بشكل دائم» من قطاع غزة.
واتهم بينيت نتنياهو بالعمل مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإعداد مسودة مشروع تهدف إلى إقامة دولة فلسطينية، في الخطة الأمريكية المرتقبة منذ فترة طويلة لإحلال السلام في الشرق الأوسط، ويعارض بينيت بشدة فكرة الدولة الفلسطينية ويعتبرها تهديداً لوجود إسرائيل، وعندما كانت شاكيد وزيرة للعدل أشرفت على تعيين عدد أكثر من القضاة المحافظين في المحكمة العليا، قائلة إن المحكمة لديها توجه ليبرالي وتتدخل كثيرا في قرارات الحكومة، ولو فاز اليمين الجديد تقول إنها تريد أن تمنح الكنيست السلطة لإعادة تمرير قوانين كانت المحكمة العليا قد ألغتها، وهذا ما يؤكد أن جميع المرشحين الإسرائيليين كما يقول أحد المواطنين الفلسطينيين الذين التقتهم الغارديان هم مرشحون لدولة احتلال تغتصب أرضاً غير أرضها فإذاً هي انتخابات احتلال وهي غير شرعية.
The Guardian
ترجمة غادة سلامة
التاريخ: الأربعاء 10-4-2019
رقم العدد : 16953