كسر عظم

فلتان.. غليان.. جنون أسعار.. تعددت الأسماء والنتيجة واحدة، عنوانها العريض غياب عين الرقابة التموينية عن الأسواق، وترك المواطن وحيداً في معركة كسر العظم والنزالات اليومية التي يعيشها ويخوضها مع التجار وجشعهم وطمعهم وفجعهم، الذين هم شكلاً ضمن قوائم اللوائح البيضاء، وفعلاً وممارسة في صدر القوائم السوداء القاتمة المظلمة التي مسألة طرحها -القوائم- وفضحها أمام الجمهور تخضع لمعايير وأسس قائمة على عرف (تبويس الشوارب وتقبيل اللحى والأنوف)..
كل ذلك وأكثر على حساب المواطن الذي لا يلبث (وبشق الأنفس) أن يهرب من تحت دلف استغلال شريحة من التجار له ولغيره الكثيرين من أصحاب الدخل المحدود جداً، حتى يقع مجدداً تحت مزراب العقوبات والحصار الاقتصادي التي طالت هي الآخرى لقمة عيشه، كل ذلك في ظل غياب شبه كامل للمحاسبة والرقابة الرادعة والقامعة لتجار الحروب والأزمات الذين يبدو أنهم لم ولن يشبعوا بعد، والدليل على ذلك هو انتقالهم من مربع المخالفات التموينية القائمة على تقاضي ربح زائد وعدم الإعلان عن الأسعار والاحتكار والمتاجرة بالمواد المدعومة.. إلى دائرة التدليس والغش والخداع التي طالت مواصفات المواد التي تم إخراجها من بند الغذائية والصحية والصالحة للاستهلاك البشري، ووضعها في خانة الفاسدة والمضرة والمميتة.
وللتأكيد على مصداقية وحقيقة المشهد الذي يعيش المواطن أعقد تفاصيله الحياتية والمعيشية والاقتصادية وصولاً إلى الاجتماعية منها، نشير إلى أن كل ما تم ويتم الحديث عنه عن واقع حال المشتقات النفطية وتحديداً البنزين منها، وعن حالات الازدحام غير المسبوقة أمام محطات الوقود، لم نسمع ولو بياناً واحداً صادراً عن الجهة المخولة والمكلفة بحماية المستهلك، يخص الإجراءات التي تم اتخاذها لقمع واجتثاث ووأد ظاهرة المتاجرة بالمادة داخل وخارج وعلى أطراف السوق السوداء، ولا حتى عن عدد الضبوط التي تم تنظيمها، أو عن عدد الأشخاص الذين كانوا وما زالوا يسرحون ويمرحون داخل المحطات وخارجها بكميات جيدة ليس فقط من مادة البنزين وإنما المازوت والغاز أيضاً، متسببين ومفتعلين حالة من الفوضى لم تستطع التجارة الداخلية حتى تاريخه لجمها، وكأن مهمة حماية المستهلك ليست من واجباتها ودورها ومسؤوليتها، وإنما من وظيفة الوزارات الأخرى كل حسب اختصاصه (وزارة النفط والثروة المعدنية وحماية المتزود بالطاقة.. وزارة الكهرباء وحماية المشترك.. وزارة الزراعة وحماية الشاري)، الأمر الذي عقد من صورة المشهد العام وزاد (أضعافاً مضاعفة) من تمادي تجار وصبية السوق السوداء ولا سيما بعد خروج قسم منهم من حالة السر إلى العلن و(على عينك يا تموين)، لذلك فإن حقيقة وطبيعة الظرف الاستثنائي الذي نعيشه يحتم على سلطتنا التنفيذية فرض لا اتخاذ قرارات استثنائية (غرامات ـ سجن ـ تشهير).. وبغير ذلك سنردد جميعاً عبارة (لا تندهي).

عامر ياغي
التاريخ: الاثنين 15-4-2019
الرقم: 16957

آخر الأخبار
كل شيء عشوائي حتى المعاناة.. الأسواق الشعبية في دمشق.. نقص في الخدمات وتحديات يومية تواجه المتسوقين قيمة الليرة  السورية تتحسن و الذهب إلى انخفاض مجزرة الغوطة.. العدالة الغائبة ومسار الإفلات من العقاب مستمر التعاون مع "حظر الكيميائية" يفتح نافذة حقيقية لتحقيق العدالة في مجزرة الغوطة مجلس التعاون الخليجي: مواصلة تعزيز مسارات التعاون مع سوريا  أكرم عفيف لـ"الثورة": الفطر المحاري مشروع اقتصادي ناجح وبديل غذائي منبج.. مدينة الحضارات تستعيد ذاكرتها الأثرية مجزرة الغوطة.. جريمة ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم  حين اختنق العالم بالصمت.. جريمة "الغوطة الكيماوية" جرح غائر في الذاكرة السورية كيف نحدد بوصلة الأولويات..؟ التعليم حق مشروع لا يؤجل ولا يؤطر الصفدي: نجدد وقوفنا المطلق مع سوريا ونحذر من العدوانية الإسرائيلية خبير مصرفي لـ"الثورة": العملات الرقمية أمر واقع وتحتاج لأطر تنظيمية مجزرة الغوطتين.. جريمة بلا مساءلة وذاكرة لا تموت العقارات من الجمود إلى الشلل.. خبراء لـ"الثورة": واقع السوق بعيد عن أي تصوّر منطقي في الذكرى الـ 12 لمجزرة الكيماوي.. العدالة الانتقالية لا تتحقق إلا بمحاسبة المجرمين نظافة الأحياء في دمشق.. تفاوت صارخ بين الشعبية والمنظمة اقتصاد الظل.. أنشطة متنوعة بعيدة عن الرقابة ممر إنساني أم مشروع سياسي..؟ وزارة الأوقاف تبحث في إدلب استثمار الوقف في التعليم والتنمية تقرير أممي: داعش يستغل الانقسامات والفراغ الأمني في سوريا لإعادة تنظيم صفوفه