تمتلئ بها وقد تفيض منك, تحاول الهرب ترفض استلابها, تتحايل عليها خوفا من اختراقها الكلي.. فهل تتمكن..!
إن كانت متقنة, تطمس الحدود بين الواقع والخيال, تغمرنا دون أن تنذرنا بالتغيير, حينها تمتلكنا لنصبح أسراها المفضلين, شعر شجي, روايات نذعن لها, ونتخلى عن ذاتنا مؤقتا صوب ذوات أبدعها كاتب أرقنا وطاردتنا شخصياته كأنها تلبستنا.
ولكن هل نصبح أسراها.. حقا؟
إن لم يتمكن المبدع من نقل شغفه إلينا,, بحيث نتقاسم همه, ونلتهم إبداعه, كأنه منتج صدر إلى كل واحد منا على حدة.. لن تؤثر بنا, ستبقى في ضفتها وحيدة تبحث عن ملتهم آني, يرميها بعد اول قضمة..!
وأنت بين جدرانك مختفيا عن الأنظار, تقبع في غرفتك وسط أشيائك الحميمية, ترافقك موسيقاك الاثيرة.. تفتش عن كلمات تحملك إلى أبعد نقطة في كون متغير, يهب اليك كل يوم غرائبه وعجائبه التي لاتنتهي, تنتقي ما يعجبك من شتى ألوان الفكر, تختار ماينسجم مع فكرك واحساسك.. إن لم يعجبك تتخلى عنه سريعا وتنطلق صوب اتجاهات أخرى..
حين تقطع مسافة لحضور فعاليات ثقافية او فنية.. محاولا انتقاء أفضلها, وتراها تقدم مجتزأة, مهترئة.. كانها صيغت لبشر لم يخوضوا أي عذابات, ولم يعانوا قهر صراعات, تكاد تودي بما تبقى من ارواحهم.. تقارن بين ابداع وآخر, بين المتقن.. والهراء.. لاتستطيع أن تخفي تبرمك, ووجعك الثقافي..
قد تضحك بينك وبين ذاتك..!
أي قلق ثقافي, وأنت على وشك ان يغرقك طمي الواقع وعذاباته, تبعد الفكرة, رافضا الاستسلام لها..!
تعود لتركز على خيبتك الثقافية.. بغض النظر عن عدد المرات التي تعود فيها منكفئا من فعاليات.. فانك في كل عودة جديدة تتسلق أملا جديدا..
موقنا أنه بعد عراكنا المضني, سيأتي يوم لن تشعر وانت خارج منها, انك تمشي في طريق مهجور.. تتقاسمه مع رفقة آمنوا مثلك ان البوح الثقافي, مهما اختنق صوته, سيعلو.. بعيدا عن أياد تجعل ضربات الفرشاة باهتة الألوان, محاولة إخفاء مكرفونات إن ارتفع صوتها قد يشل الحناجر الهزيلة المعتقدة أن البشر القابعين امامها, بعيدون عن التقاط لحظتهم الابداعية المرنة لتعينهم على ولادة جديدة.. بعيدا عن كل هذه التشوهات الطافية حتى أعلى رؤوسنا..!
soadzz@yahoo.com
سعاد زاهر
التاريخ: الاثنين 15-4-2019
الرقم: 16957