وحدهم العرب في هذا الخضم الإقليمي والدولي المتسارع من الأحداث والتطورات الخطيرة، التي تريد بعثرة العالم وإعادة تجميعه مجدداً وفق حسابات شايلوك الأميركي وشريكه الصهيوني يصحّ فيهم القول ـ إلا القليل منهم طبعاً ـ «النائمون بلا أثر»، فلا يكاد يُسمع لهم صوت ـ حتى أصوات الوجع خافتة ـ في الوقت الذي يبدو فيه أن كل ما يجري يستهدفهم مباشرة في ثرواتهم ووجودهم ومصائرهم.
عندما يكون الحديث عن العرب وما يتهددهم كأمة ممتدة من الماء إلى الماء، لا ينبغي أن تكون مصر «النيل والأهرامات» غائبة عن ساحات الفعل والتأثير وهي واسطة العقد، ولا يجوز أن تكون «أم الدنيا» مجرد صدى للطبول الخليجية التي تقرع على كل الجبهات إلا على جبهة فلسطين، مصر التي يغلي محيطها ويجري تحضيره من بوابتيها في الجنوب والشرق لمرحلة من الهشاشة والتمزق العربي، لا تنفع معها كل وصفات ومساحيق التجميل التي ينتجها عطارو «الجامعة»، غارقة في سباتها، وثمة من يتحدث باسمها من دون إذنها ويقرر عنها.
العرب يتصارعون فيما بينهم على جبهات السودان وليبيا واليمن لمصلحة الآخرين ـ وثمة جبهات لم تقفل بعد ـ ومصر غائبة عن الوعي، وكأن الأمر لا يعنيها، أو كأن روح كامب ديفيد «النتنة» هي التي تم التجديد لها في ميدان التحرير بعد «ثورة» تمت سرقتها مرات ومرات، فكان مصيرها الإفلاس..!
مصر أسطورة العبور وشريكة النصر في تشرين المجيد وتوءم الوحدة الحلم، لا ينبغي أن تكون في غير هذا الموقع، وخاصة في ظل حصار أميركي وضيع يحاول النيل من صمود السوريين الذين قاتلوا الإرهاب وهزموه نيابة عن مصر وعن العرب أجمعين، ووقفوا سداً منيعاً أمام عودة السلاجقة في نسختهم العثمانية الأخوانية الأردوغانية المكررة، أو أن تكون جزءاً من مشاريع غلمان السياسة في ممالك ومشيخات النخاسة الترامبية.
مصر التي في خاطر السوريين، وفي خاطر العرب الحقيقيين ينبغي أن تكون على غير ما هي عليه، ودورها كان وسيبقى بنظر الكثيرين موضع أمل ولو تأجل لبعض الوقت.
عبد الحليم سعود
التاريخ: الاثنين 15-4-2019
الرقم: 16957