في الماضي القريب كانت هناك عقوبة تفرض بحق من يرتكب الغش في المواد الغذائية وغيرها من المواد الاستهلاكية الأخرى تسمى التجريص أي التشهير عن طريق الدوران به في جميع طرقات المدينة ,حتى يعرف الجميع أن هذا التاجر أو البائع هو غشاش وغير مؤتمن ويصبح عبرة لغيره.
مناسبة هذا الحديث هو اعلان وزارة التموين قبل شهر رمضان عن قائمة تضم مجموعة من التجار الذين وعدوا بعدم رفع أسعارهم خلال هذا الشهر.
وفور إعلان الوزارة عن هذا الاتفاق على وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي انهالت عبارات الشكر والامتنان على هؤلاء التجار وأنهم مثال للشهامة واغاثة الفقير والملهوف أي أنهم حصلوا على دعاية مجانية لمنتجاتهم دون ان يدفعوا فلساً واحداً ولكن هذا الاعلان والاتفاق كان في واد وأسعار التجار في واد آخر، أي انهم لم يلتزموا بما وعدوا به، هنا قررت الوزارة قراراً خطيراً وهي انها ستعلن للملأ أن هؤلاء لم يلتزموا بما وعدوا به أي بمعنى آخر تقوم بتجريصهم حسب التعبير القديم والتشهير بهم حسب الحديث وكأن هؤلاء التجار يمكن أن يهتموا او يرف لهم جفن.
والسؤال الذي يطرح نفسه هل هكذا تدار الأمور يا وزارة التموين؟!، وهل نحن في مضافة مختار والعملية عبارة عن تبويس شوارب ولحى؟! .
إن الاجراءات الرخوة وغير المنضبطة التي تتخذها وزارة التموين ممثلة بمديرياتها في المحافظات أوصلت الأسواق الى حالة من الفلتان والغليان لم تصلها في يوم من الأيام.
مواد تموينية مخالفة للمواصفات، تمور من كل صنف ولون مجهولة المصدر، لحوم مفرومة وغير مفرومة تباع على أنها لحوم ضأن ليتبين انها لحوم دجاج.
فلتان في كل شيء والمواطن الفقير المغلوب على أمره هو الضحية الأولى والأخيرة , والذي اصبحت جيوبه خاوية من كل شيء , نتيجة الارتفاع الجنوني وغير المسبوق لأسعار مأكله وملبسه ومشربه.
والمفارقة العجيبة هي تصريحات مديريات التموين، فتصوروا أن مديرية تموين ريف دمشق على اتساع المساحة الجغرافية لهذه المحافظة قامت بتنظيم 135 ضبطا فقط من بداية شهر رمضان و48 ضبطاً في محافظة درعا وتسعين ضبطاً في محافظة أخرى.
كل هذا الفلتان في الأسواق وأرقام ضبوط هزيلة تدلك على مستوى المتابعة والاهتمام بصحة المواطن وغذائه وكسائه؟!.
يجب أن يكون هناك اجراءات أشد صرامة أيها السادة بحق من أوصل أسواقنا الى هذا الوضع المزري وغير المقبول على الاطلاق من دون خطابات ووعود وتطبيل وتزمير , فمن امن العقاب اساء الادب.
ياسر حمزة
التاريخ: الخميس 16-5-2019
رقم العدد : 16979