اهتمت محافظة دمشق خلال سنوات ما قبل الأزمة بالمساحات الخضراء عامة بما فيها المتوضعة بين الأبنية السكنية، فسورتها ووضعت مراقبين للإشراف عليها ومنع العبث بمحتوياتها كونها مساحات غير مخصصة للنزهات غايتها تنقية الهواء والحفاظ على البيئة، إضافة إلى المشهد الجمالي الذي يريح النفس والنظر ولكونها تضم بين جنباتها في بعض الأحيان ملاجىء ومنشآت للتوتر العالي قد تشكل خطراً على المتسللين إليها.
لكن منذ عدة سنوات أرخت المحافظة قبضتها عن هذه المساحات دون سبب معلوم، فتحول بعضها إلى مرتع للعديد من الممارسات السلبية والمزعجة لسكان الأحياء المجاورة في ظل غياب الموظف المراقب وفتح أبوابها لكل من هب ودب، وتنوعت أشكال العبث من إلقاء النفايات داخلها إلى رعي الأغنام والكلاب مروراً بتسرب المراهقين من المدارس القريبة لتمضية الوقت وممارسة التدخين إلى حرق إطارات السيارات من قبل بعض الأطفال والفرار بعيداً وما يعنيه ذلك من إضرار بالأشجار والبيئة والسكان، فضلاً عن تكسير مصابيح الإنارة بين الحين والآخر، وتحويل المكان إلى ملعب لكرة القدم والصراخ في أوقات القيلولة وأيام العطل، وليس انتهاء بإيواء المشردين وإقامة الخيم الكرتونية ثم ترك المخلفات وراءهم عند المغادرة!!.
هذه الممارسات آنفة الذكر حولت كثيراً من المساحات الخضراء المجاورة للأبنية السكنية إلى مصدر قلق وإزعاج متواصل للمواطنين القاطنين فيها، وحادت بها عن غايتها المرجوة في توفير الهدوء والراحة والسكينة للسكان وفي الحفاظ على البيئة لتصبح على العكس من ذلك بؤراً لنشر التلوث والأضرار بجميع مكوناتها؛ ناهيك عن مخاطر الاقتراب من خطوط التوتر العالي (إن وجدت) والتي يصعب على الأطفال إدراكها أو تقديرها. ومن الضروري بالتالي أن تولي المحافظة الأهمية اللازمة لهذه المساحات الخضراء باعتبارها متنفساً لسكان المدينة وأن تجدد رقابتها عليها من خلال تواجد عناصر مراقبة بشكل دائم في هذه الأماكن وتسويرها وإقفال أبوابها في وجه العابثين والمتطفلين، ما من شأنه أن يعيد لها ألقها ونقاءها وجمالها وللسكان الراحة والسكينة والهدوء.
هنادة سمير
التاريخ: الأربعاء 22-5-2019
الرقم: 16983