يحيي السوريون ليالي رمضان،في وقفة مع الذات للانطلاقة لحياة أجمل ،وهم الذين عاشوا الألم لسنوات وخبروا الحرب وويلاتها ولم يرضوا باليأس لحظة واحدة ،استعدوا جسديا وروحيا لاستقبال هذا الشهر الكريم رغم كدمات الفاقة وهموم الحياة الخاصة والعامة وضربات القدر .
أجواء رمضانية في بلدي تنعش أرواحنا بدءا من تجارة الأرصفة والطرقات التي تنشط إلى درجة الجنون ..هذا يبيع التمر وآخر قمر الدين وثالث العرق سوس والتمر هندي ،وعلى غير العادة يرخمون أصواتهم عند النداء على بضاعتهم .
وكرمز من الرموز الرمضانية تنتشر في المطاعم ومداخل المباني والبيوت الفوانيس بدل المصابيح العصرية وكثير من المجسمات التي تمثله ،لتميز ليالي رمضان ،رمز يعزز مكانته سنة بعد سنة .
وإن غاب المسحراتي بطبلته ورصانة عبارته لإيقاظ الناس عند السحور فهو مازال في الذاكرة نستحضر كلماته في نغمات تنبيه جوالنا (الموبايل )لتوقظنا على أنغام تتحدى وتهزم النعاس وتجدد العزيمة لصوم يوم آخر دون أن ينتزعنا من تيار الحياة،ففي الصباح الباكر يخيم الهدوء على الشوارع والطرقات والأحياء وأوقات الدوام في رمضان تبدأ من التاسعة حتى إذا أخذ وقت الظهر يقترب دبت الحياة والازدحام بعد الساعة الثالثة لتعود إلى شيء من هدوئها بعد الخامسة أو قبيل المغرب حينئذ يسود جو استثنائي تسبح فيه الأنفس في غبطة روحية ،لتبدأ السهرة بعد ساعات الإفطار ولكل أسرة شأنها في قضاء هذه الأوقات ..في متابعة المسلسلات أو البرامج الترفيهية أو الدينية ..في الخيمة الرمضانية مع نفس أركيلة ..في التزاور وأحاديث الشائعات والموضات والتعليقات على الممثلين وتقييم أدائهم ،في أسعار الخضروات والفواكه ومواد افتقدها الناس في بيوتهم حتى كادوا ينسون وجودها .
ما يميز رمضان السوري تعدد صور التكافل الاجتماعي وتنوعها بعيدا عن الأضواء الإعلامية وموائد عامرة للمحتاجين والفقراء.
رويدة سليمان
التاريخ: الأربعاء 22-5-2019
الرقم: 16983