في مقالٍ كتبه الفيلسوف السلوفيني سلافوي جيجيك عن مسلسل «لعبة العروش، Game of thrones»، تحدّث عن موجة الغضب التي فجّرها الموسم الأخير وقيام قرابة مليون مشاهد ساخط بتوقيع عريضة تطالب بتنحية الموسم الأخير وإعادة إنتاج موسم بديل عنه.
وحسب جيجيك فإن اتساع دائرة النقاش وضراوتها هي بحد ذاتها «دليل على أن الرهانات الإيديولوجية لا بدّ أن تكون عالية ومهمة»..
فماذا عن الرهانات الإيديولوجية لدرامانا..؟!
هل فكّر صنّاعها بهذا الجانب..؟!
من أسباب استياء وسخط متابعي المسلسل الذي تحوّل لظاهرة عالمية، ذكر «جيجيك» السيناريو السيئ الذي «بُسِّط فيه التعقيد السردي».. وفيما نتابع من أعمال «محلية، مشتركة» غالباً ما يبدو أن موضوعة «التعقيد السردي» غير واردة في ذهن من يتصدّى لمهمة كتابة السيناريو، بعموم التجارب التي يتم إنتاجها وفق طلب سوق الإنتاج.. ويبدو أن إحساساً متنامياً لدى المتلقي يتعاظم بكون جموع العاملين بمعظم الأعمال هم في حالة استرخاء فكري.. لا يتوجب عليهم شدّ مفاصل أفكارهم لعلها تنجو بشيء من حبكة مقبولة لدى الجمهور.
بالطبع، حديث الدراما يفرز بعضاً من تشابهات يفرضه ما تؤديه من دور متشعب الدلالات والوظائف، لكن ليس لدرجة المقارنة بين «لعبة العروش» وما لدينا من دراما.. ومع ذلك تتقاطع التوصيفات حين يتابع جيجيك تحليله خيبة الأمل التي رافقت الكثير من متابعي المسلسل العالمي، ليقف عند إحدى أهم الشخصيات الأنثوية قائلاً في تحليلها «مجرد خيال ذكوري»، ويبدو توصيفاً متطابقاً مع كثير من نماذج أنثوية لم تكن مقنعة في بعض أعمالنا.. إنها هفوات عدم القدرة على تقديم تبرير سايكولوجي وحكائي مقنع.
المفارقة تكمن بكون مسلسل بضخامة «لعبة العروش» وبسبب ضعف آخر أجزائه، تم توقيع عريضة تطالب بإعادة إنتاجه.. وفيما يحصل لدينا من استخفاف بذائقة المتلقي يتمّ الردّ عليه باستنساخ المزيد من الأجزاء..
وهو الحاصل تماماً في «الهيبة3».. وفيما تردد مؤخراً من أن إنتاج الجزء الرابع هو أمر بيد الجمهور..
عن أي جمهور يتحدثون..؟
وإلى متى يمكن لنجومية ممثل واحد في عملٍ ما أن تشكل رافعة تنهض بمختلف مكوناته..؟
lamisali25@yahoo.com
لميس علي
التاريخ: الخميس 30-5-2019
الرقم: 16990