يشكل التدخل الحكومي على صعيد السكن في سورية ٧% فقط من مجموع المباني السكنية.
وعلى الرغم من هذه الضآلة فإنه يحظى باهتمام شعبي وإعلامي كبير، ولعل جلّ هذا الاهتمام هو من باب الأماني، أي أن يتوفر لكل الراغبين، وأن يبقى بمتناول ذوي الدخل المحدود غير القادرين على شراء بيت بعشرات ملايين الليرات السورية حالياً، أو تسديد أجور لبيت مستأجر أقلها الآن يعادل الراتب الشهري لموظف فئة أولى مع خدمة خمسة عشر عاماً.
وهذه المسألة مهمة وأساسية وضرورية، إذ لا يستطيع الإنسان – خلافاً لكل الكائنات الأااخرى أن يعيش دون مسكّن، وبهذا المعنى فإن المسكن هو مشروع إنتاجي خلافاً للاعتقاد السائد أنه إنفاق خدمي يمكن تأجيله.
تعرض السكن الحكومي ومثاله الأهم – السكن الشبابي ٦٤ ألف شقة على امتداد سورية – إلى نكبة كبرى بسبب الحرب الضروس التي شنت على سورية، فتأخر الإنجاز وارتفعت الأسعار وعلى الرغم من ذلك كله وبالمقارنة مع الأسعار الرائجة في الأسواق نجد أن البيت الشبابي الآن يُقسط لـ ٢٥ سنة هو أرحم بكثير من بيت مستأجر في العشوائيات، ومؤخراً قرأنا أن مؤسسة الإسكان تنجز حالياً آخر ١٢ ألف شقة في ريف دمشق -الديماس- وهي مخصصة لمن اكتتبوا على ١٢ سنة، ونأمل أن يتم تسريع العمل في السكن الشبابي في طرطوس ليتم إغلاق الملف بالكامل وهو قصة نجاح للسكن الحكومي في العصر الذهبي لسورية ما قبل الحرب (قبول جميع الراغبين – دفعة نقدية رمزية عند التسجيل – قسط شهري مقبول (آنذاك ٢٠٠٠ ليرة في الشهر) – استلام المنزل لمدفوعات لم تكن تتجاوز حتى العام ٢٠١٠ – مئات آلاف الليرال السورية، وتسديد باقي قيمة المنزل ١،٢ مليون ل.س على أقساط لمدة ٢٥ سنة. وتبدو هذه الأرقام كالحلم الآن ويبدو الحديث عنها كالحديث عن الجنة…!! وهذا ما كانت عليه سورية، وهذا ما هو جوهري في السكن الحكومي – بناء دون أرباح فاحشة – قرض وأقساط – ضاحية مخدمة – وهذا ما يجب الإلحاح عليه والاستمرار به في وقت يقدر فيه عدد المساكن التي دمرها إرهابيو أمريكا وإسرائيل بثلاثة ملايين مسكّن.
إن الأسعار الراهنة – حتى الحكومية ولأي صنف من المساكن – لم تعد ملائمة لذوي الدخل المحدود وإلى أن تحدث تغيرات اقتصادية ونقدية ملائمة تتيح مرة ثانية لهذه الشريحة الكبيرة من الناس وجلها من الشباب الراغبين في بناء أسرة، شراء مسكّن بسعر التكلفة وبقرض وبالتقسيط لـ ٢٥سنة، أرى أن تترافق مرحلة إعادة البناء مع الترويج لفكرة بناء مدن جديدة – عمالة – بجانب المشاريع الكبرى التي ستبنى في سياق إعادة البناء، لتأمين سكن صحي وبيئي للعاملين بأجر زهيد مثلما كان الحال مع مدينة الثورة في الرقة وعدرا في دمشق، على أن يترافق ذلك مع حملات إعلامية تقدر أهمية السكن الحكومي ودوره الوطني والاجتماعي والاقتصادي، على يد إعلاميين متخصصين، متابعين للشأن المحلي، إذ لا يجوز الاستهتار بهذا الامر أبداً.
ميشيل خياط
التاريخ: الخميس 20-6-2019
رقم العدد : 17005