لم تترك بعض الاتحادات الاقتصادية الخمس (التجارية والزراعية والصناعية والحرفية والسياحية) خلال الساعات الخمس من عمر الاجتماع الخامس لهم مع الحكومة فرصة وإلا وحاولت من خلالها حرف بوصلة اللقاء الموسع والمهم مع رئيس وأعضاء الفريق الاقتصادي، ونقله من مربعه الاستراتيجي – كما كانت الحكومة مخططة له – إلى دائرة المطالب المنسوخة والمكررة التي تغلب عليها الصفة والمصلحة الخاصة أكثر من العامة بكثير.
وباعتبار أن جديدهم قديم وقديمهم دخل عالم النسيان من أوسع أبوابه، فقد عمدوا خلال الاجتماع الخاص لرسم خريطة طريق مشتركة (لا فردية) لدعم التصدير والاستيراد والاستثمار والإنتاج ومواجهة الحصار الاقتصادي، إلى ترديد موّال حملة مكافحة التهريب والعزف على وتر حصر بوصلتها باتجاه المعابر الحدودية فقط، وترك حبل المواد مجهولة المصدر والمنشأ في الساحة الداخلية على غاربها، على الرغم من معرفتهم ويقينهم التام ليس فقط بالوضع الخاص والاستثنائي والحساس جداً لشريطنا الحدودي حالياً، وإنما بتغريدهم المتعمد خارج سرب الشراكة الاستراتيجية الحقيقية والمطلوبة خلال هذه الفترة بالذات لدفع العملية التنموية في كل القطاعات، وضمان المساهمة الفاعلة لها في تحقيق التنمية المتوازنة وتجاوزها للصعوبات التي تعترض تنفيذ الخطط الوطنية الموضوعة وفق الأولويات المعتمدة، بالشكل الذي يمكن معه تخفيف الأعباء المعيشية التي فرضتها العقوبات الاقتصادية الجائرة بحق سورية على المواطنين.
رئيس وأعضاء الفريق الحكومي لم يكتفوا بإعادة تصويب الإجماع باتجاه الهدف الموضوع له، ووضع كل رئيس اتحاد أمام مسؤولياته، وإنما ذهبوا إلى أبعد من ذلك بلغة جديدة ومختلفة عن سابقاتها، عندما أكدوا أن الغاية الأولى والأخيرة من إطلاق حملة مكافحة التهريب هي حماية كل صناعي وتاجر وحرفي وفلاح.. وطني، ممن كانوا وما زالوا يرفضون وبشكل قاطع مجرد فكرة التعامل مع المهربين وموادهم المضرة لهم ولاقتصادهم الوطني ولخزينتهم العامة التي يفوتها سنوياً عشرات المليارات من الليرات إن لم تكن مئات نتيجة تلك الممارسات غير المشروعة، التي لم يتضرر منها إلا المهرب والمتعاملون معه على اختلافهم وتعددهم (بموجب صفقات مسبقة ومشبوهة) عنوانها المزاحمة والمضاربة والكسب غير المشروع.
نعم.. قالوا.. إن لكل مهرب زبائنه.. ولكل زبون دورية مكافحة جمركية.. ولكل قضية نص قانوني واضح وصريح عقوبة وغرامة مالية مفصلة على مقاس كمية ونوع كل جرم.. وأشاروا أيضاً إلى أن كل معترض مستفيد.
عامر ياغي
التاريخ: الاثنين 24-6-2019
الرقم: 17007