توقّفت سيارة سوداء فخمة تحت جسر المتحلق الجنوبي حيث يجلس عشرات العمال البسطاء، ثم خرج منها رجل ضخم وأشار بيده نحوهم، فتحلقوا حوله مثلما تتحلق حمائم الأموي حول زائر يقدم لها الطعام، فاختار أربعة منهم ثم حشرهم في المقعد الخلفي وانطلق بهم مسرعاً إلى مزرعة في ضواحي العاصمة.
في الطريق توقّف عند محل لبيع الفروج واشترى كمية كبيرة من لحم الدجاج، فتهللت وجوه الشباب وقالوا، إذا كان الطعام دسماً فلا بد أن الأجور ستكون دسمة أيضاً..!
عند مدخل المزرعة فُتح باب ضخم يطل على فيلا رفيعة الطراز المعماري والديكورات والحدائق، وسرعان ما أفرغت السيارة حمولتها، ووقف الرجل الضخم يوزع المهام في ساحة الفيلا:
(هيه أنت أبو الكنزة الحمرا قم بتنظيف المسبح، وأنت أبو البرنيطة، قم بتنظيف المشالح والحمامات، أما أنت يا أبو العضلات مهمتك نقل هذا الأثاث الموجود هنا إلى الطابق الثاني وكُن شديد الحذر لأن البضاعة مستوردة وغالية الثمن..!
أما أنت يا أبو (الكزلك).. هات كيس اللحم الموجود في صندوق السيارة واتبعني إلى الحديقة الخلفية لأن مهمتك إطعام الكلاب والعناية بها..!)
وبينما أنجز الجميع أعمالهم حضر الرجل الضخم مرة ثانية وخطب فيهم (خطبة مختصرة) حول الظروف الصعبة التي يمر بها البلد والمعلم الضخم صاحب المزرعة، وناشد ضمائرهم الحية أن يقفوا إلى جانبه في هذه المحنة، ثم وزّع عليهم أربع مظاريف (مذهّبة) تبيّن لاحقاً أنها تتضمن (الخطبة الدسمة) كاملة وفيها كل تفاصيل (معارك) السيد الضخم مع رموز الفساد عندما كان مسؤولاً..!!
عبد الحليم سعود
التاريخ: الاثنين 8-7-2019
الرقم: 17018