للانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي مع إيران في الثامن من أيار العام الماضي عواقب وخيمة، كما أن عدم قدرة الدول الأوروبية الموقعة عليه بالوفاء بنصوصه آثار سلبية، وما يسمى بـ( انستكس) فيما يتعلق بالتبادل التجاري والمصرفي لا يفي باحتياجات إيران للتعويض عن انسحاب الولايات المتحدة الأميركية . وبهذا يأتي الرد الإيراني متوافقاً مع مضمون المادتين ٢٦ و ٣٦ اللتين تعطيان طهران الحق في الرد في حال أي تنازل من أطراف ٥+١ ، وما حدث لم يكن خارج توقعاتنا، فمنذ توقيع الاتفاق في الرابع عشر من تموز عام ٢٠١٥ كنّا نرى أن واشنطن وحلفاءها لن يلتزموا بمضمون الاتفاق، فالعقوبات الأميركية لم ترفع وبقيت سارية المفعول بخلاف قرار مجلس الأمن الدولي ٢٢٣١.
كما بقيت حجة سعي إيران لامتلاك السلاح النووي حاضرة في جميع الأدبيات السياسية لمحور الناتو ، فيما كان الموقف الروسي والصيني ملتزماً ببنود الاتفاق وهو ما زال ثابتاً حتى اللحظة الراهنة. والواقع أن السياسة الأميركية بخاصة لم تتغير تجاه إيران مهما اختلفت التصريحات واللهجة الدبلوماسية ، إذ أن واشنطن كانت وما زالت تسعى للقضاء على مقدرات إيران العلمية والعسكرية وإنهاكها اقتصادياً ومحاصرتها على المستوى الخارجي بهدف إسقاطها كدولة ومشروع مقاوم .
وننتظر الخطوة الإيرانية الثالثة بعد فترة الأيام الستين القادمة من مرحلة رفع التخصيب من ٣،٦٧ إلى ٢٠ بالمئة المستهدفة ليتم الإعلان الرسمي بعدها عن موت الاتفاق النووي بعد وفاته السريرية. وما يدعم رؤيتنا هو ما قامت به المملكة المتحدة في الرابع من الشهر الجاري باحتجاز الناقلة الإيرانية( غريس١) في المياه الدولية ، وما تلاها من تصريحات ماكرون الرئيس الفرنسي والخارجية الألمانية واستنكار مسبق للخطوة الإيرانية إلا دليل على هذا المنحى في الاعتداء على إيران ، وينبغي التوقف عند تصريح الخارجية الروسية في الخامس من هذا الشهر بأن خطوة واشنطن ولندن إجراء متعمد تم الإعداد له منذ فترة بعيدة لتطويق إيران وسورية
مصطفى المقداد
التاريخ: الاثنين 8-7-2019
الرقم: 17018