لا أعرف ما إذا كانت المديرية العامة للجمارك قد أحكمت قبضتها على طرف أو منتصف أو نهاية خيط النوع الجديد من الفساد القادم إلينا من الأقبية والسراديب المظلمة للمخرّبين والمهرّبين الذين وصلوا في ارتكاب موبقاتهم حدّ التلاعب بالمياه المعدنية طمعاً وفجعاً وجشعاً بالكسب غير المشروع.
الجمارك نجحت في إطباق خناقها على معمل لتعبئة المياه المعدنية يحوي لصاقات مزوّرة تحمل اسم ماركتي بقين والفيجة إضافة إلى خزانات مياه وأجهزة كبس وآلة تصوير وطابعة لتغليف عبوات المياه التي يتم تعبئتها من خزانات على الأسطح معرّضة للشمس وغير معروفة المصدر، لتريح وتزيح بشكل مؤقت كابوس هذا السم الذي تمّ دسّه في دسم أسواقنا وبيوتنا وموائدنا وزجاجات حليب أطفالنا ومستشفياتنا..، لينتقل الشارع من مرحلة تنفس الصعداء إلى مرحلة حبس الأنفاس مجدداً بانتظار جواب أهل الحل والربط فيما إذا كانت هناك معلومات حول وجود صنّاع سمّ جدد، أم إنّ ما قامت به الجمارك مشكورة هي الضربة الأولى والأخيرة في هذا الملف الخطر الذي ما كان له ليتحقق لولا المعلومات التي لم تسقط إلى داخل المديرية العامة (بالمظلة)، وإنما جاءت نتيجة التعاون والتنسيق والتواصل الدائم مع بعض الغيورين على الأمن العام والصحة والسلامة العامة الذين لم يرتضوا لهذه البذرة السامة أن تنمو وتكبر لا داخل إحدى المزارع بمنطقة عرطوز البلد التابعة لمحافظة ريف دمشق، ولا في أي متر مربع في سورية.
هذا الشكل الجديد من الجرائم الصحية والاقتصادية (التي لا تخطر إلا على بال الشياطين) يجب أن يلازمها ويوازيها نص تشريعي يتميّز عن غيره من المواد القانونية ليس لجهة رفع سقف الغرامات إلى حدودها العليا فحسب، وإنما مضاعفة عقوبة الحبس أيضاً أضعافاً مضاعفة، كون حسن نية من يقترف مثل هكذا جرم غير موجودة لا من قريب ولا من بعيد، ولم يسمع بها من قبل، وإنما سوء النية لوحدها دون غيرها هي التي كانت حاضرة من المرحلة التمهيدية (التفكير والتخطيط) إلى التحضيرية (تهيئة المكان والمعدات والتجهيزات) وصولاً إلى المرحلة التنفيذية واقتراف الفعل، ومنها إلى خلف القضبان الذي يتسع له ولأمثاله.
عامر ياغي
التاريخ: الاثنين 15-7-2019
الرقم: 17024