رغم التهديدات الأميركية المستمرة وحزم العقوبات الشديدة التي تفرضها إدارة ترامب على الجمهورية الإسلامية الإيرانية تحت العنوان النووي وعناوين أخرى رأس مالها التضليل والادعاء والتزييف وتكبير الوهم والخوف، لحصد امتيازات اقتصادية وعسكرية كما يجري دائما مع مشيخات الخليج، فقد بقيت إيران ثابتة على مواقفها من معطيات الاتفاق النووي، بحيث أعطت للأوروبيين المهل الممكنة لإنقاذ الاتفاق، وتفويت الفرصة على الحالمين بإشعال المنطقة بحرب كارثية جديدة لا تبقي ولا تذر.
المتابع للمواقف الأوروبية المهزوزة إزاء السلوك الأميركي الاستفزازي المتصاعد ضد إيران يصل إلى قناعة راسخة بأن مواقف هذه الدول مجرد صدى للسياسة الأميركية العدوانية في المنطقة والعالم، وتتحول في كثير من الأحيان إلى مجرد تابع صغير ينفذ ما يأمر به الكاوبوي المتعجرف دون اعتراض، وهذا ما يقطع الطريق على أي أمل بإنقاذ الاتفاق من جهة، ودفع نذر التوتر بعيداً عن الخليج من جهة ثانية.
لكن تماسك وصلابة القيادة الإيرانية وصوابية القرارات التي تتخذها، واستعداد القوات الإيرانية للدفاع عن حقوق شعبها ومصالحه، يدفع بالآخرين لإعادة حساباتهم، والبحث عن مخارج لكل أزمة، كما حصل في قضية إسقاط طائرة التجسس الأميركية، أو احتجاز ناقلة النفط الإيرانية من قبل بريطانيا، حيث اضطر ترامب للتراجع عن قرار ضرب إيران بعد أن وصلته الرسائل الإيرانية شديدة اللهجة، في حين تجرعت بريطانيا التابعة من نفس الكأس حين علمت بنية إيران على التعامل بالمثل، الأمر الذي كان ـ في حال حدوثه ـ سيحرج المملكة المأزومة بملفات كثيرة.
عموماً وفي كل الأحوال، بات من الصعب الاعتماد على أوروبا الضعيفة لاتخاذ قرارات مصيرية تمس أمن واستقرار العالم، حيث باتت القضايا التي خذلتها أوروبا أكثر من أن تحصى بسبب تبعيتها المفرطة لواشنطن، وعجزها عن انتهاج سياسة مستقلة، وليس أدل على ذلك من حضورها الضعيف في ملف القضية الفلسطينية والمشبوه في الأزمة الليبية، وكذلك إعلان عجزها في الملف الإيراني، ما يجعلها عبئاً إضافياً على الدول الحالمة بحضور أوروبي له فعاليته ووزنه.
عبد الحليم سعود
التاريخ: الاثنين 15-7-2019
الرقم: 17024