لا يمكن قياس الأداء المؤسساتي اليوم في ضوء الظروف الصعبة بميزان تنفيذ الخطط والبرامج أو تحقيق أرباح أو حتى الاستمرار بالحياة لجهة الحفاظ على المؤسسة ومحتوياتها وحمايتها من النهب والتخريب فقد تبدلت أحوال القطاعات كلها.. منها ما تعرض للسرقة ومنها لا يزال في مكانه لكنه خارج الخدمة ورغم ذلك وقائع الحياة بكل أشكالها مستمرة.
ثمة وقائع واضحة لحالة التماسك الاجتماعي التي جمعت أبناء الوطن فكان الوفاء للوطن متأصلاً في قلوب السوريين جداراً منيعاً يصعب اختراقه.. وكان ثمة سباق باتجاه المبادرة لحماية الوطن وأبناء الوطن من تداعيات المؤامرة ولذلك ثمة مسألة تبدو اليوم في غاية الأهمية ومن أولويات العمل في سياق البناء على ما تحقق من صمود وانتصار سواء في الحسكة أم غيرها من المحافظات على امتداد مساحة الوطن من خلال الحفاظ على نقاط القوة في أي إنجاز وتعزيزها وتقويتها والاستفادة من الدروس أيضاً في تجاوز نقاط الضعف إن وجدت.
من هنا تأتي أهمية القضايا التي تحتاج منا إلى التأمل والاستفادة مما حدث لتقوية وتعزيز إرادة التحدي التي كانت السلاح الأقوى في مواجهة هذا الاستهداف وقد أثبتت دروس التاريخ أن أقوى أسلحة الانتصار هو سلاح الإرادة وروح التفاؤل المقرونة بالعلم والعمل لأنها تحول كل الأشياء إلى كائنات حية تعمل وتنجز في كل زمان وتحت كل الظروف ولا سيما أن الوقائع أكدت أن المواطن كان شريكاً في تحقيق الانتصار على الإرهابيين من خلال الإدراك لدوره الفاعل وتجسيده لمفهوم المواطنة حيث هناك واجبات على المواطن أولها أن يتخلص من ثقافة اللامسؤولية وأن المواطن الفاعل هو الشريك في تحمل مسؤولياته تجاه الوطن ومن الواجب عليه أن يشارك بالحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والانضمام الطوعي لممارسة دوره والولاء والوفاء للوطن.
من هنا تأتي أهمية تعزيز مثل هذه القيم عبر إعادة تشكيل الوعي الوطني واعتماد خطة وطنية تتجاوب مع تحديات الأزمة ومفرزاتها وتتصدى لمحاولات إنتاج وترويج انتماءات جزئية مقابل الهوية الوطنية الواحدة والتركيز على دور الأسرة مروراً بالمؤسسات التربوية والدينية والثقافية لأن للأسرة والمدرسة والمجتمع دوراً مهماً في بناء الوعي لدى أفراد المجتمع وخاصة الأطفال والشباب لتكوين رؤية تربوية ناضجة للتمييز بين السلبي والإيجابي والمفيد والضار وتعزيز الثقة بالذات وصولاً إلى البناء على كل نقاط القوة من خلال تحمل المسؤولية وتجسيدها فعلياً والتخلص من التنظير لدى البعض ولا سيما ممن يعتقدون أنهم دائماً في موقع تقديم الدروس كي يحفظها ويطبقها غيرهم وكأنهم الأستاذ والقدوة في كل زمان ومكان أما غيرهم يبقون طلاباً في مدرستهم مهما كبر عمرهم وزادت معارفهم في حين أن الأمر يتطلب الفهم المشترك من الجميع أن مسؤولية البناء وتعزيز نقاط القوة مسؤولية الجميع وبذلك يمكن قياس الأمور بميزان الذهب وتعزيز كل أشكال الانتصارات التي حققها الشعب السوري.
يونس خلف
التاريخ: الثلاثاء 30-7-2019
رقم العدد : 17037