حبــــــر الحــــــرب

 

 

قديمة هي الحروب,منذ أن كان الإنسان على وجه الأرض, بل ربما يصح القول: إنها الثابت الذي لايتغير, وإن تبدلت الاسباب فلكل حرب أسبابها التي تدفع بها, ولها من يحرض عليها ويعد الناس وقودا لها, وهذا لن يكون من خارج التفكير, وبالتأكيد التفكير ليس خارج اللغة, فهل يمكن القول: اللغة بطبعها تميل إلى العنف, هي التي تعد وتحرض للوصول إلى اللحظة التي لاعودة فيها؟
ولكن مهلا: اليست اللغة من حذر من الحروب ونارها وشررها, وما الحرب إلا ما علمتم؟ غريب أمر هذه اللغة وحبرها, تعد النار وتشعلها وتعمل رجل إطفاء, هل هذا لغز وسر من أسرار اللغة التي نتحدث عنها بوصفها وسيلة عنف؟
ربما يكون ذلك وجها من وجوه عدة, ولكنه ليس الأساس, نعم اللغة عنيفة قاسية, حادة, قادرة على الفتك, كما هي قادرة على الندى وبلسمة ما كان, الكلمة الطيبة صدقة, والصدقة تحيي, واللمة شرر مستطير لايمكن أن نعرف حدود ناره, هل نتابع في فقه اللغة كيف كان القدماء يتحاشون ذكر بعض الأمور خوفا من حضورها (هداك المرض) عن السرطان, يخيل إليهم إذا ما تم ذكره فإنه سيكون حاضرا, وأليس حاضرا في البال فعل المعوذات والتمائم والكتابة على الجسد, من وشم وغيره من أشياء؟
اللغة كائن حي, يمرض ويشفى, ولكنه يصيبنا بالمرض الذي لابراء منه حين لا نعرف كيف نتعامل معه (المصطلحات) وما تجره وتحمله من معان, أليست الحرب علينا في سورية حرب مصطلحات؟
أليست حرب ثقافات ضدنا؟ ألم تهيأ أسباب الحروب من خلال الضخ الاعلامي والفكري والثقافي, وهل هذا يكون خارج اللغة؟
حبر الحرب, حبر اللغة ليس عاديا, ولايمكن للغة التي تهيىء أسباب الحروب وتشعلها أن تكون خارج نارها وشررها, وعلى مبدأ العامة (طباخ السم يذوقه) فكيف للغة الكائن الحي, هي أول الضحايا, بمفرداتها ومصطلحاتها, وتعابيرها, هي التي تنتهك خصوصيتها ويشتق كل طرف ما يظنه الأنسب ويحمله ما يريد من معان, إن كانت لاتقترب من المفردة نفسها, يضاف إلى ذلك موت مفردات, واستحضار بعضها,من معجم الموت,تظهر قذارات ما اختفى, لاشيء يبقى مدفونا في بطون المعجمات والكتب والناس.
كأن القيء يريد أن يبقى على السطح, وما اكثر ما تم استحضاره في الحرب على سورية من هذه الموبقات التي كنا نظن أنها قد دفنت إلى غير رجعة.
وكما تستحضر الأوضار والشوائب, ثمة ندى يهل من الشعر والأدب والفكر, ثمة إثراء لابد أنه يشق طريقه, نعم اللغة تشعل حروبا, ولكنها أول ضحاياها إلى أن يستيقظ حراس اللغة.. وهذا ما يمكن الحديث عنه مطولا تحت عنوان (حبر الحرب..في اللغة والأدب والإعلام).

ديب علي حسن
التاريخ: الاثنين 19-8-2019
الرقم: 17050

آخر الأخبار
إعزاز تحيي الذكرى السنوية لاستشهاد القائد عبد القادر الصالح  ولي العهد السعودي في واشنطن.. وترامب يخاطب الرئيس الشرع  أنامل سيدات حلب ترسم قصص النجاح   "تجارة ريف دمشق" تسعى لتعزيز تنافسية قطاع الأدوات الكهربائية آليات تسجيل وشروط قبول محدّثة في امتحانات الشهادة الثانوية العامة  سوريا توقّع مذكرة تفاهم مع "اللجنة الدولية" في لاهاي  إجراء غير مسبوق.. "القرض الحسن" مشروع حكومي لدعم وتمويل زراعة القمح ملتقى سوري أردني لتكنولوجيا المعلومات في دمشق الوزير المصطفى يبحث مع السفير السعودي تطوير التعاون الإعلامي اجتماع سوري أردني لبناني مرتقب في عمّان لبحث الربط الكهربائي القطع الجائر للأشجار.. نزيف بيئي يهدد التوازن الطبيعي سوريا على طريق النمو.. مؤشرات واضحة للتعافي الاقتصادي العلاقات السورية – الصينية.. من حرير القوافل إلى دبلوماسية الإعمار بين الرواية الرسمية والسرديات المضللة.. قراءة في زيارة الوزير الشيباني إلى الصين حملات مستمرة لإزالة البسطات في شوارع حلب وفد روسي تركي سوري في الجنوب.. خطوة نحو استقرار حدودي وسحب الذرائع من تل أبيب مدرسة أبي بكر الرازي بحلب تعود لتصنع المستقبل بلا ترخيص .. ضبط 3 صيدليات مخالفة بالقنيطرة المعارض.. جسر لجذب الاستثمارات الأجنبية ومنصة لترويج المنتج الوطني المضادات الحيوية ومخاطر الاستخدام العشوائي لها