زوربــا وشــــهبندر التجــــار

 

 

يروى أن ملكا أوروبيا كان يلح بالسؤال على أحد مستشاريه: هل تعرف الإسبانية؟ ظن المستشار أنه يمكن لو أجادها أن يكون سفير الملك في اسبانيا, بعد فترة من السؤال جاء إلى سيده وقال له: لقد أجدت الإسبانية, ابتسم الملك قائلا: هنيئا لك: لقد أصبح بإمكانك أن تقرأ روائع سرفانتس بلغته الأم, ولاسيما دون كيشوت.
أتذكر ذلك, وانا أعيد قراءة زوربا رواية كازنتزاكي الخالدة وملحمة الفكر الباحث في كل شيء, أثران أدبيان خالدان, لايمكن لأي قارىء أن يخرج منهما كما كان قبل القراءة, وفي كل مرة يتجدد الكشف والغور في مناجم اللغة والبحث, والقدرة على التجدد, دون كيشوت طواحين الهواء التي ربما نحاربها اليوم بسيوف من كلام, لا من خشب, ولكنها تختلف عن طواحينه, هي نواعير لاغتراف الدم, والصرخة هل من مزيد؟
نحارب وننكسر, ننتصر على العدو الخارجي, وننكسر أمام أبناء الجلدة ممن تمسحوا, وصاروا حيتانا متوحشة لاتعرف الرحمة حتى لفراخها, تأكل بعضها البعض, لايشغلها إلا المزيد من تكديس المال, يشغلني هذا الأمر كثيرا, اعني أتوق لجواب السؤال التالي: ماذا بعد أن كدستم مليونا, ملايين, مليارا, مليارات, وبعد ماذا ستفعلون بها؟
هل سيمتد بكم العمر لتصرفوا ولو جزءا منها؟ لا أدري إن كنت أقنع نفسي أنها لوثة الجشع والطمع والتحلل من كل القيم الانسانية (عند البعض) في العالم كله رأس المال يدعم الفن والثقافة ويسعى لأن يكون فاعلا وناهضا بالمجتمع إلا في مجتمعاتنا, دائما: هل من مزيد؟
ومن باب الطرفة يروى أن ثرياً أوصى زوجته أن تدفن معه كل ثروته, هكذا كانت تروي لصديقاتها, وبسؤال الملهوفات: هل فعلت؟ نعم, لقد فعلت, وكيف كان ذلك, هل اتسع القبر لكل مالديه من نقود؟ تبتسم: لقد حررت له شيكا بذلك, وعليه أن يصرفه حيث هو..
نعم, ورقة لميت لم ينفعه شيء, وسخرية مرة, جعلتني أبحث كثيرا عن معنى مماثل, فكان الجواب عند زوربا حين كان يحاور معلمه: قل ماذا تفعل بما تأكله, ماذا ينتج, إلى ماذا يتحول؟ هل هو إشباع وتخمة بطن, أم انه يصبح قوة فاعلة؟
الغذاء ليس علفا للجسد, بل قوة دافعة، وقود للعمل للإنجاز, للحياة, وبمكان آخر يختزل المعادلة بقوله: الرجال فعل, وفعلها على قدها, أليس الأمر فلسفة نقية, أليس معادلة لاشك فيها؟
ترى ماذا لو طرح زوربا هذه الأسئلة على شهبندر التجار, في هذا المسمى عالما عربيا, ماذا لو سألنا الكثير من تجارنا: دلونا على أفعالكم, بل ماذا ستفعلون بما تكدسونه من مليارات؟ هل ستحرر لكم زوجاتكم, محظياتكم, لا ندري من: هل سيحررون لكم شيكات بها؟ وإذا ا فعلوا كيف ستصرفونها…زوربا فلسفة فعل وحياة, وطواحين دون كيشوت ستبقى إلا إذا قيض لنا من يجيب على السؤال: وماذا بعد هذه الفظائع والمليارات..؟

ديب علي حسن
التاريخ: الاثنين 26-8-2019
الرقم: 17056

آخر الأخبار
غرفة  صناعة حلب تفتح باب الانتساب لعضوية اللجان  وتعزز جهود دعم الصناعة عصام الغريواتي: زيارة الوفد السوري إلى تركيا تعزز العلاقات الاقتصادية والتجارية مباحثات سورية–إماراتية لإحياء مشروع مترو دمشق الاستراتيجي أحكام عرفية بالرقة واعتقالات في ظل سيطرة «قسد»...والإعلام مغيّب تحقيق رقابي يكشف فضيحة هدر بـ46 مليون متر مكعب في ريف حمص بعد توقف دام 7 أشهر..استئناف العمل في مشتل سلحب الحراجي "الأشغال العامة" تعرض فروع شركتي الطرق والجسور والبناء للاستثمار من وادي السيليكون إلى دمشق.. SYNC’25 II يفتح أبواب 25 ألف فرصة عمل خفايا فساد وهدر لوزير سابق .. حرمان المواطنين من 150 ألف متر مكعب من الغاز يومياً الكلاب الشاردة مصدر خوف وقلق...  116 حالة راجعت قسم داء الكلَب بمشفى درعا الوطني   تعزيز التواصل الإعلامي أثناء الأزمات الصحية ومكافحة المعلومات المضللة غلاء الإيجارات يُرهق الباحثين عن مسكن في إدلب ومناشدة لإجراءات حكومية رادعة غزة بين القصف والمجاعة و"مصائد الموت" حصرية السلاح بيد الدولة ضرورة وطنية ومطلب شعبي أكبر بساط يدوي من صنع حرفيّ ستينيّ الادعاء العام الألماني يوجّه اتهامات لخمسة أشخاص بارتكاب جرائم حرب في مخيم اليرموك زيارة رسمية لوزير الداخلية إلى تركيا لتعزيز التعاون الأمني وتنظيم شؤون السوريين تراشق التصريحات بين واشنطن وموسكو هل يقود العالم إلى مواجهة نووية؟ من البراميل والطائرات إلى السطور والكلمات... المعركة مستمرة تعددت الأسباب وحوادث السير في ازدياد.. غياب الحلول يفاقم واقع الحال