تقارير كثيرة تصدر بين الفينة و الأخرى عن مراكز ابحاث عالمية تصنف بعض شعوب الأرض بأنها الأكثر سعادة وبعضها الآخر غير ذلك ونحن دائما من هذا البعض الاخر … طبعاً هذه التقارير تستند إلى عدة محددات عند اختيارها هذه الدولة أو تلك كالقوة الاقتصادية ، والدعم الاجتماعي الذي يتلقاه الأفراد ومتوسط العمر المتوقع وغيرها ، ليقوم البعض مشككاً بصحة هذه التقارير التي لم تصنف أمريكا ولا الصين ضمن الدول الأكثر سعادة رغم أنهم من أقوى الدول اقتصادياً ولم تصنف سويسرا أيضاً من الدول صاحبة السعادة , رغم أنها لم تعان على مدى وجودها كدولة من أزمات اقتصادية او اجتماعية…
بل صنف التقرير دولاً لا تكاد اسماؤها تتداول كثيراً على خارطة العالم كالسويد و الدانمارك و النرويج واعتمد على معايير بعيدة كل البعد عن المعايير السابقة…
إذاً حتى الآن ليس هناك كلمة فاصلة جامعة مانعة عن السعادة لأن السعادة كما يقولون ليس لها بيت تقيم فيه وتستقر , فالشيء الذي يجعلك سعيداً قد يشقي غيرك فالمال مثلاً عند الروس يجعلهم سعداء ويعتبرون من له مال له عقل, وعند البريطانيين والفرنسيين ليس كذلك… ويعتبرون ان السعادة لا تشترى بالمال مع اعترافهم أن المال عامل رئيسي وهام لكي تتحقق السعادة… ولكن أي مال و كم من المال ؟!
أسئلة كثيرة لا جواب لها والباحث عن السعادة ضائع والضائع لن يجد شيئاً…
ولكن أين نحن من كل هذا وهل نحن سعداء ؟! وإذا أردنا أن نصف أنفسنا ماذا نصنفها سعيدة , تعيسة , شقية ، بين بين ؟!، وما هي المعايير والمحددات التي نستند إليها ؟ هل هي القوة الاقتصادية التي لا نملك منها شيئاً، الرعاية الاجتماعية التي أضعناها بين عشية و ضحاها ، بمقدار ما نحوز من الأموال وهنا أيضاً لا نملك منها الكثير…
فكما اسلفنا تم تصنيف السويد من بين العشر دول الأكثر سعادة على طريقة تناولهم القهوة واليابانيين لاستيقاظهم باكراً للذهاب إلى أعمالهم بشغف وحماس… و النرويجيين بالدفء الذي يشعرون به عند جلوسهم أمام المدفأة في الشتاء القارس.
لقد أضعنا سعادتنا بايدينا عندما أضعنا هذه الأشياء البسيطة وغيرها الكثير الكثير من الاشياء … القهوة سوف يأتي زمان لا نستطيع أن نشربها يومياً لغلائها الفاحش…
وسعادة الدفء أمام المدفأة ذهبت بسبب ندرة وجود وقود للتدفئة سواء في منازلنا أو في مدارسنا…
وذهابنا إلى أعمالنا ليس فيه أي حماس لتدني الأجور التي تقتل أي إحساس بالسعادة والتفاؤل…
لقد كنا سعداء كثيراً قبل هذه الحرب الكونية الإرهابية التي شنت علينا ظلماً وعدواناً والتي دمرت البشر والحجر…لقد كنا نعيش ليلة قدر دون أن ندري، طعامنا وشرابنا ومدارسنا وعلاجنا كله شبه مجاني لذلك يجب البحث عن سعادتنا المفقودة دون كلل حتى بين تفاصيل حياتنا التي نعيشها يوميا كالتخلص من الحقد والكراهية مثلا , هنا في بلدنا العظيم وليس في أي بلد اخر .
ياسرحمزه
التاريخ: السبت31-8-2019
رقم العدد : 17061