طائر النكد

 

 من لطائف هذا الفضاء الأزرق أنه يضع أمامك ما لاتعرفه، يقدمه بأشكال شتى، قد يكون صحيحاً، وقد يجانب الصواب وليس إلا رمية شر، ما عليك إلا أن تبحث عن الحقيقة، أمس لفت انتباهي أن صفحة أحد الأصدقاء، تحدثت عن طائر اسمه طائر النكد. أو الطائر النكد، لم أتوقع أنه فعلاً موجود، تابعت البحث عنه قليلاً، فوجدت معلومات بسيطة عنه، يعيش في مناطق قليلة من العالم، طائر نكد، لايعرف الهدوء والاتزان كما يقول من يقدم المعلومة.
طائر ونكد، غريب أمر هذه العصافير التي نظنها حرة طليقة، لا تعرف إلا التغريد والزقزقة، لكنها على ما يبدو أكثر نكداً منا، ومن اللطائف في العالم الأزرق أن صفحة أحد الأصدقاء الجزائريين تقول: هذا الطائر يأتي بالمرتبة الثانية بعد الموظف الجزائري بالنكد، والصفحة السورية التي أخذت منها المعلومة تقول: يأتي بعد السوريين.
بكل الأحوال: النكد كما جاء في المعجمات العربية، يعني الحزن والملل، ويعني أيضاً الناقة التي لاتعطي حليباً بعد فقد وليدها، وغيرها من المعاني التي لا تدل على فعل فرح أو أمل، أو غير ذلك، وقد ورد معنى النكد عند المتنبي بصورة لطيفة وجميلة حين قال:
أذُمّ إلى هذا الزّمانِ أُهَيْلَهُ فأعْلَمُهُمْ فَدْمٌ وأحزَمُهمْ وَغْدُ
ومن نَكَدِ الدّنْيا على الحُرّ أنْ يَرَى عَدُوّاً لَهُ ما من صَداقَتِهِ بُدُّ
بغض النظر عن قسوة المعنى، وكان لزاماً على المتنبي أن يلجأ إليه وهو المحاط بمن هم أكثر من حساد، ترى لو أن المتنبي يبعث حياً الآن، ماذا سيقول؟ وأي حال يصف، وقد غدونا نكداً بنكد، صباحنا نكد، ومساؤنا أكثر شؤماً، نعيش اللحظة نفتر عن ابتسامات صفراء باهتة ونكاد نتقيأ أشلاءنا، لا نعرف كيف نداري الخيبات التي تكسرت على سوابقها، تكدست حتى بتنا نظن أننا جبلنا من النكد، ومع ذلك نداري ونمضي نحو لحظات نظن أنها للفرح والرحمة والفرج، فإذا بها أكثر عمقاً من كل ما مررنا به.
أليس من النكد أن ترى العييي يتفاصح، والأعمى يحدثك عن جبال يراها، والسارق يحاضر عليك بالعفة، ويقنعك أن الطعام تخمة، والماء سيل جارف، وأن راتبك يكفيك لشهور، أنك أنت المبذر بكل شيء، ألم تسمعوا بذاك الخطيب المفوه الذي ألقى محاضرة بالشرف والإخلاص وضرورة الصبر والعفة وضرورة أن نصبر على كل ما بنا، وحين كانت يده تلوح في الهواء تظهر ساعته المصنوعة من الذهب الخالص، أما تلك السفينة التي امتطاها حين غادر المكان فهي تكفي لإطعام مدينة بحالها، هذا ليس نكداً، ولا هو قهراً، بل هو ما هو، قد انفصاما عن الواقع عن الحياة عن القدرة على فعل شيء.
طائر النكد على ما يبدو يعشش في قلوب الكثيرين، في عقولهم، حل محل الخفافيش، بل يجب أن يحل مكانها، لكننا واثقون من عنقائنا التي ستنهض إن عاجلاً أو آجلاً، وإن غدا لناظره قريب.

ديب علي حسن
التاريخ: الجمعة 6-9-2019
الرقم: 17067

آخر الأخبار
سوريا تشارك في "القمة العالمية للصناعة" بالرياض  حفرة غامضة في درعا تشعل شائعات الذهب.. مديرية الآثار تحسم الجدل وتوضّح الحقيقة داء السكر .. في محاضرة توعوية  استراتيجية المركزي 2026–2030.. بناء قطاع مالي أكثر توازناً وفاعلية سوريا ولبنان.. من الوصاية والهيمنة إلى التنسيق والندية انتشار أمني واجتماع طارئ.. إجراءات في حمص لاحتواء التوترات بعد جريمة زيدل سوريا الجديدة في مرآة الهواجس الأمنية الإسرائيلية من أماكن مغلقة إلى مؤسسات إصلاحية.. معاهد الأحداث تعود إلى الخدمة برؤية جديدة الطاقة الشمسية خارج الرقابة.. الجودة غير مضمونة والأسعار متفاوتة خريطة الترميم المدرسي في سوريا.. 908 مدارس جاهزة وألف أخرى قيد الإنجاز دمشق تستضيف اجتماع لجنة النقل في "الإسكوا" لأول مرة منذ أكثر من 15 عاماً سوق السيولة.. خطوة تدعم الاستقرار النقدي وزارة التربية تحدد مواعيد التسجيل لامتحانات الشهادات العامة لدورة 2026 عودة اللاجئين.. استراتيجية حكومية تعيد بناء الثقة مع الدولة سوريا والتعاون مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية... مسار لا رجعة عنه إعادة تفعيل البعثة السورية لدى منظمة حظر الأسلحة..السفير كتوب لـ"الثورة": دمشق تستعيد زمام المبادرة ... رئيس الأركان الفرنسي يؤكد ضرورة الاستعداد للحرب لبنان وسوريا يتجهان نحو تعاون قضائي مشترك تفعيل البعثة الدائمة.. كيف تطوي سوريا صفحة "الرعب" ومحاسبة مجرمي "الكيميائي"؟ الأردن يعزز التنسيق مع سوريا لمواجهة تحديات إقليمية