غيمــة خريــف

ربما كان الخريف أكثر الفصول مظلومية عند الإنسان، فهو عند الرومانسيين رمز لغروب العمر، وعند الكثيرين منا ذلك أيضاً فهذا صار في خريف عمره، بمعنى آخر مالت شمس حياته و: إنه بدا بخط سير متسارع إلى الحتف، ناهيك بما اقترن به من تساقط أوراق الشجر ومتغيرات المناخ، وتقلب الطقس الذي لايكاد يستقر على حال واحد، فهو بارد حيناً، معتدل أحياناً أخرى.

لا أدري لماذا لانرى منه إلا هذا الجانب الذي يوجد في كل فصول السنة والحياة، فمن قال إن الربيع هو الأنضر والأجمل والأكثر بهاءً؟ أليس الربيع فصل المطر والبرد وقتل الزهر، والصقيع أيضاً، أليست هذه المتناقضات فيه، ومع ذلك تغنى به الشعراء، ومدحه الإنسان كثيراً، وترك الخريف بعيداً إلا من حيث النظر إليه على أنه فصل الكآبة والشجن كما أسلفنا عند الشعراء الرومانسيين.
ولكن لماذا لاينظر إليه على أنه فصل النضج والعطاء وذروة التحول الحقيقي، من التين إلى العنب والتفاح والكثير من الفواكه وغيرها، وليس النضج هو المقياس فقط، بل نضج من وصل مرحلة الخريف في حياته، بمعناها الذي يعني القدرة على الثبات والفعل والعطاء، فالعمر لايقاس بالزمن إنما بما قدمه الإنسان، ألم يقل الشاعر (وقد يجمع المجد عمر قصير)
فطول الفترة الزمنية ليست مقياساً، والصفرة الذهبية التي يصير عليها ورق الشجر لافتة للنظر، بهية، تبقى متسمرة بالأغصان ما استطاعت تريد أن تكمل رحلتها، في الخريف قطاف الزيتون، ومواسم تقطير العنب وتعتيقه، وفي الخريف يبدأ الاستعداد لموسم الخصب، لزراعة القمح، حيث تكون الأرض قد نالت حصتها من الاستراحة والاستعداد لمواسم قادمة، لكن للخريف مواسم أخرى ترهقنا، من هموم المعيشة ومؤونتها، إلى المدارس وما يجب أن يتم العمل على تهيئته، هذا كله مع التحضير لقدوم الشتاء، ألف حكاية وحكاية تجعلك بعيداً كل البعد عن معنى الجمال الذي يجب أن يكون متعة لعقلك وقلبك وناظريك، لكنك في واد وهو في واد آخر.
خريفنا الذي بدأ هذا العام من غير مقدمات، قاس مر، حزين، لولا هؤلاء الابطال الذين يعطون الحياة معناها، لولا الذين يهطلون علينا غيمة خريف وربيع وصيف وشتاء، يعودون مع النسمات الوسنى يطيبون الجراح، خريفنا فيه النضج، فيه العنب والتفاح وكل ما تشتهي، لكن الكثيرين من حراسه ليسوا على مستوى فعل التضحية، كثيرون يخونون الأمانة الكبرى، يذهبون وراء رنين المال، يكدسونه، يسرقون لقمة العيش، ولا ندري ماذا بعد تلك المليارات، كيف سيصرفونها،وأين، بل السؤال الأكبر: ألم يحن قطف رؤوسهم؟

ديب علي حسن
التاريخ: الجمعة 13-9-2019
الرقم: 17074

آخر الأخبار
ريال مدريد يفتتح موسمه بفوز صعب  فرق الدفاع المدني تواصل عمليات إزالة الأنقاض في معرة النعمان محافظ إدلب يستقبل السفير الباكستاني لبحث سبل التعاون المشترك ويزوران مدينة سراقب رياض الصيرفي لـ"الثورة": الماكينة الحكومية بدأت بإصدار قراراتها الداعمة للصناعة "نسر حجري أثري" يرى النور بفضل يقظة أهالي منبج صلاح يُهيمن على جوائز الموسم في إنكلترا شفونتيك تستعيد وصافة التصنيف العالمي الأطفال المختفون في سوريا… ملف عدالة مؤجل ومسؤولية دولية ثقيلة مبنى سياحة دمشق معروض للاستثمار السياحي بطابع تراثي  "السياحة": تحديث قطاع الضيافة وإدخاله ضمن المعايير الدولية الرقمية  فلاشينغ ميدوز (2025).. شكل جديد ومواجهات قوية ستراسبورغ الفرنسي يكتب التاريخ اهتمام تركي كبير لتعزيز العلاقات مع سوريا في مختلف المجالات الساحل السوري.. السياحة في عين الاقتصاد والاستثمار مرحلة جامعية جديدة.. قرارات تلامس هموم الطلاب وتفتح أبواب العدالة تسهيلات للعبور إلى بلدهم.. "لا إذن مسبقاً" للسوريين المقيمين في تركيا مرسوم رئاسي يعفي الكهرباء من 21,5 بالمئة من الرسوم ..وزير المالية: خطوة نوعية لتعزيز تنافسية الصناعي... لقاء سوري ـ إسرائيلي في باريس.. اختبار أول لمسار علني جديد تركيب وصيانة مراكز تحويل كهربائية في القنيطرة زيارة وفد الكونغرس الأميركي إلى دمشق… تحول لافت في مقاربة واشنطن للملف السوري