لطالما كنت في طفولتي أنفّذ الوصايا التي تهدى إليّ دون اعتراض، واستمر ذلك حتى أهداني أحدهم مَثلاً وبيتاً من الشعر، فاتخذتهما رصيداً أصرف منه في الأزمات والمحن، ومما قاله لي إن (الوصايا لا تأتي بالهدايا) وأما بيت الشعر فيقول (إذا كنت في حاجةٍ مُرسِلاً… فأرسلْ حكيماً ولا توصِه) وبالمناسبة البيت للشاعر الجاهلي المعروف طرفة بن العبد الذي حمل وصية موته ولم يكن حكيماً..!
في الآونة الأخيرة كثرت وصايا بعض الجهات العامة إلى بعضها البعض، لكن الوصايا تحولت إلى حبر على ورق نتيجة الإهمال والتطنيش لأنها غير ملزمة، ومن الأمثلة على ذلك..
ــ توصية وزارة (حماية المستهلك) مراقبيها بالضرب بيد من حديد على كل من يتلاعب بسعر صرف الليرة وقوت المواطن، غير أن الشباب ضربوا بيد من حرير كرمى لـ (البرّاني) والبرّاني أفضل من الجوّاني.. والكلّ يعلمُ..!
ــ توصية أكثر من جهة عامة بضرورة رفع الحد الأدنى للأجور والرواتب إلى ما فوق الـ /300/ ألف ليرة بسبب ارتفاع تكاليف معيشة الأسرة السورية، لكن الوصية لم تنفذ، والأغلب أن فيها شبهة انتقال شريحة معينة إلى (الثراء الفاحش) وهذا قد يؤدي بها للسير في طريق المعصية والموبقات..!!
ــ توصية إدارة الجمارك العامة بالتشدد مع المهربين الذين يضرون بالاقتصاد الوطني، غير أن دورياتها لاحقت باعة المهربات من التجار الصغار في الأسواق.. بينما أطلق الحيتان الكبار في أعالي البحار يهرِّبون ما يشاؤون (يا خوفي على الكبل الضوئي)..!
ــ تساهل إدارة المرور إزاء تركيب (الفيميه) للسيارات مقابل رسم، فاقم ظاهرة العربدة بالطرقات بسيارات مفيمة بدون لوحات.. (فيميه بلا عربدة إهانة للسيارة الفخمة)..؟!
عبد الحليم سعود
التاريخ: الجمعة 20-9-2019
رقم العدد : 17079