كثيرة ونوعية (وربما طرحت للمرة الأولى بشفافية وجدية) مجموعة الملفات الاقتصادية والخدمية والتنموية والإدارية التي تزاحمت بفترة سابقة على طاولة مجلس الوزراء، حتى وصلنا لمرحلة لم نعد نقدر على تمييز أي من تلك الملفات التي عنونت بأغلب الأحيان بالساخنة سيحتل المرتبة الأولى في سرعة إنجازه ومعالجة كل أثر تركه على الواقع الاقتصادي وحياة الناس.
نعم غلفت أغلب تلك الملفات وفي مقدمها القروض المتعثرة وبدلات استثمار عقارات الدولة المؤجرة للقطاع الخاص لسنوات بتراب المصاري كما يقال، والجمارك والاستثمار والفساد وغيرها بنية جدية بالمعالجة، وكان لمجرد طرحها وتصدي الحكومة لها بعد تغيبها وقذفها من حكومة لأخرى صدى إيجابياً في الشارع السوري خاصة أنها ترافقت بنقاشات وطروحات مفتوحة السقف وتأكيدات على المضي بالخطوات التالية لطرح الملف من تقديم برامج ومشاريع تنفيذية وصولاً للهدف الأهم المتمثل في المعالجة الجذرية لأغلب تلك الملفات والقضايا المهمة والاستراتيجية.
غير أن واقع الحال يشير دون عناء بحث وتمحيص إلى أن ما تخوف منه الجميع ونبّه له الإعلام من أن غياب الأولويات والرؤية الواضحة والتنفيذية للحلول طويلة الأمد وإصرار الجهات التنفيذية على حمل أكثر من بطيخة في يد واحد كان وراء عدم القدرة على إيصالها للمكان المنشود سليمة، لذلك جاءت الحلول لأغلب الملفات آنية ومجتزأة ولم تصل للحل النهائي وحالة ارتفاع منسوب التفاؤل التي تسود عند مجرد طرح ملف ما لأهميته وتحدي أصحاب النفوذ والمستفيدين من استمرار وضعه على ما هو عليه لقناعتهم بعدم قدرة الأجهزة التنفيذية على تولي دفة قيادته ما تلبث أن تهدأ تارة لغياب العلاج الناجع والمستدام وتارة أخرى لعدم وضع الناس بصورة ما قد يكون تحقق بالفعل على أرض الواقع ولو بالحدود الدنيا.
من هنا نؤكد أن الاكتفاء بالترويج لفكرة جرأة الطرح والحرص على احتلال المرتبة الأولى في عرض ملف ما على طاولة مجلس الوزراء لم تعد مغرية أو دليلاً على إنجاز، والوضع بات يتطلب اليوم وأكثر من أي وقت مضى معالجات فورية لمجمل الملفات والقضايا التي فتحت للحد قدر المستطاع من تبعاتها السلبية على الواقع الاقتصادي والمعيشي للناس ولتدعم من خلالها الأجهزة التنفيذية جسور الثقة المتصدعة مع المواطن.
هناء ديب
التاريخ: الخميس 17-10-2019
الرقم: 17100