حكايا شتائية

 

 

 

اليوم يبدأ التوقيت الشتائي، على الورق وبالواقع ويهل كما يفترض حسب دورة الطبيعة فصل الأمطار والبرد، والألفة والحكايا، مع أني لا أحب الشتاء أبدا، يشعرني بالضيق والضجر وضيق مساحة الكون، ناهيك بالبرد الذي نخر عظامنا مذ كنا صغارا في القرى، حيث الوديان والغابات ملاعب شتائنا، يضاف إليها الدرب الوعر إلى المدارس البعيدة والكثير من قصص الثلج والجليد الذي يأتي على كل شيء، ولاسيما مساكب التبغ الصغيرة عماد دورة الحياة الريفية، فلولا التبغ الذي يشكل موسما مهما لنا، لما كنا نقوى على الاستمرار.
حكايا الشتاء لا تنتهي، لأنها من الحياة وللحياة، لم ولن يسرقها الهواء الشرقي العاتي القادم إلينا من جهة (الرفيعة) كاسرا الشجر وميبسا حتى الحجر، يتبعه الصقيع القاتل، حكايا لا تغادر الذهن بل تطفر دفعة واحدة، تضعنا بمقارنة غير مناسبة بين ما كان، وما هو الآن، أين الحكايا، وقصص الأمهات والأجداد ونحن متحلقون حول مدفأة الحطب، يلقمها الكبير قطعا من خشب الزيتون أو التوت، وإن كنا محظوظين بطماً لأن عوده ذو رائحة طيبة، وأكثر الأعواد بعدا عنها إلا في حالات العجز (التين) دخانه يعمي ويقتل بنوبات السعال، واشتعاله ناقص تماما، لكنه موجود بوفرة لحين الضرورة القصوى.
أما عرجون الزيتون (تمزه) كما يقال في العامية، لهو الأفضل والأكثر اشتعالا، يخزن بعيدا عن المطر والرطوبة، وصاحب الحظ السعيد من يملك كميات كبيرة منه، أما الموقد الذي لاينطفيء، فله وظائف شتى غير الدفء، موسم التين اليابس المشكوك بعيدان الريحان، يشوى على الجمر المتقد، يخرج وجبة شهية، لا أطيب ولا ألذ منه، يوزع الجميع لقمة شهية وحلوى أي حلوى، لا عوامات (أبو عيسى، ولامشبك الضهرة) يقتربان من عتباته، أما الموسم الأطول، فهو لثمار السنديان وكستناء الفقراء، نجمعها بعد بدء الشتاء بفترة قصيرة، ليكون الثمر قد شبع مطرا، وسرت الحلاوة فيه، يشوى كما الكستناء، وألذه من الأشجار المعمرة، فهي الأكثر جودا بحلاوة (دوامها) وموسمها غزير، ومن المفيد أن نذكر أن الآباء كانوا يبشروننا بطقس الشتاء من منظر ثمار السنديان، بداية تكوينها، فإذا ما كانت غزيرة يعني أن الشتاء قاس، وموسم الأمطار جيد، والعكس تماما.
أما الأمهات، ومع أول صحو مؤقت يتجهن إلى الغابات لإحضار حمل من الحطب، يفضل أن يكون ذا ورق طري من السنديان ليقدم وجبة شهية للأبقار التي تزرب مكانها لشدة البرد، شتاءات مختلفة قولا وفعلا وحكايا، وقدرة البسطاء على التحضير له، اليوم شتاؤنا مختلف تماما، حكايانا، برك ماء على الطرقات، تيار كهربائي مع لسعة البرد الأولى يغادر، ومازوت تدفئة ذكي لمن يدعم، ومدارس لها ألف حكاية وحكايا، وأمطار غزيرة جدا لكن لم تجد حيث يجب أن تقام السدات المائية، من يفعل ذلك، وهل نذهب أبعد..؟
ديب علي حسن

التاريخ: الجمعة 25- 10-2019
رقم العدد : 17107

 

آخر الأخبار
إصلاح محطة ضخ الصرف الصحي بمدينة الحارة صحة اللّاذقية تتفقد مخبر الصحة العامة ترامب يحذر إيران من تبعات امتلاك سلاح نووي ويطالبها بعدم المماطلة لكسب الوقت  الأونروا: إسرائيل استهدفت 400 مدرسة في غزة منذ2023 صحة طرطوس تستعد لحملة تعزيز اللقاح الروتيني عند الأطفال الأونكتاد" تدعو لاستثناء اقتصادات الدول الضعيفة والصغيرة من التعرفات الأميركية الجديدة إصلاح المنظومة القانونية.. خطوة نحو الانفتاح الدولي واستعادة الدور الريادي لسوريا التربية تباشر تأهيل 9 مدارس بحماة مركز لخدمة المواطن في سلمية الاستثمار في المزايا المطلقة لثروات سوريا.. طريق إنقاذ لا بدّ أن يسير به الاقتصاد السوري أولويات الاقتصاد.. د. إبراهيم لـ"الثورة": التقدّم بنسق والمضي بسياسة اقتصادية واضحة المعالم خبراء اقتصاديون لـ"الثورة": إعادة تصحيح العلاقة مع "النقد الدولي" ينعكس إيجاباً على الاقتصاد المحلي في ختام الزيارة.. سلام: تفتح صفحة جديدة في مسار العلاقات بين لبنان وسوريا  محافظ اللاذقية يلتقي مواطنين ويستمع إلى شكاويهم المصادقة على عدة مشاريع في حمص الأمن العام بالصنمين يضبط سيارة مخالفة ويستلم أسلحة مشاركة سوريا في مؤتمر جنيف محور نقاش مجلس غرفة الصناعة منظومة الإسعاف بالسويداء.. استجابة سريعة وجاهزية عالية صدور نتائج مقررات السنة التحضيرية في ظل غياب الحل السياسي.. إلى أين يتجه السودان؟