لم يعد الواقع المعيشي خافياً على أحد في سورية، ومعروف أن الهوة التي كانت تاريخياً واسعة ما بين الأجور والأسعار، غدت الآن سحيقة وأكثر اتساعاً، فما العمل، وكيف يمكن التخفيف من حدة الصعاب التي تواجه أغلبنا، في تأمين الاحتياجات – جميعها – أو ما هو أساسي جداً منها. اعتمدت فلسفة الدولة السورية، منذ بداية الحرب الإرهابية على سورية، على استمرار الحياة الطبيعية في كل المناطق الآمنة، واستمرت حركة الحياة طبيعية على الرغم من نزول القذائف الإرهابية (كزخ المطر) على مدننا وأريافنا، لم ينقطع التلاميذ والطلاب عن مدارسهم وجامعاتهم والعمال عن وزاراتهم ومؤسساتهم ومصانعهم واستشهد الكثيرون منهم.
لم يغير أغلبنا عاداته في السيران أو ارتياد الحدائق العامة أوالمطاعم واستخدام السيارات والموبايلات.
ومنذ عامين تقريباً ومع نجاح الدولة السورية في تحرير أغلب الأراضي السورية من براثن الإرهابيين والتوجه لتحرير إدلب، ومنطقة الجزيرة بدأت على سورية حرب اقتصادية أشد ضراوة ترافقت مع حصار أكثر حدة على شحنات النفط والغاز والدواء….الخ. وساهم هذا كله في رفع سعر الدولار وسط رفض الدولة السورية سياسة المضاربات وتأكيد السيد الرئيس بشار الأسد انتهاج سياسة خلق اقتصاد قوي هو بحد ذاته يصبح داعماً للعملة الوطنية. وبعيداً عن التفجع ورثاء الحال ونعي الحلول التي نجحت في ظل أزمات سابقة إنقاذ البلد (السوق الموازية والتدخل الإيجابي)، واقتراح حلول مخجلة (استيراد الموز في هذه الظروف المعيشية الصعبة)، يجب أن يتوجه السعي إلى إيضاح كيف تدور عجلة الاقتصاد بقوة، وكيف نخلصها من العوائق ونقوم بتسريع صدور تشريعات جذب الاستثمارات ومحاسبة الفاسدين، وتحديد دور الشرفاء في دعم جهود الدولة، للانتصار على جبهة الاقتصاد.
ثمة تهييج لافت لكل شعوب العالم الثالث، تستفيد منه مصانع السلاح ومستلزمات مكافحة الشغب في أميركا وإسرائيل، وليس معقولاً أن من يحرقون ويهدمون كتلاً بيتونية ويقطعون طرقات دولية هم مواطنون فقراء لا يملكون ثمن دواء لمعالجة ضعفهم وهزالتهم – علماً أن أغلبهم من ذوي العضلات المفتولة-.
يجب الانتباه إلى هذه الحقائق في سياق مخاطبة الناس والسعي إلى حل مشكلاتهم.
ميشيل خياط
التاريخ: الخميس 21 – 11-2019
رقم العدد : 17128