وماذا بعد؟

استبشرت شعوب العالم خيراً بنهاية المواجهة التاريخية بين المعسكرين الشرقي والغربي على أمل دخول البشرية مرحلة السلام والعدل والأمن والتعاون والشراكة في المنافع وهي العناوين الكاذبة التي أطلقها مبشرو الليبرالية الجديدة في أميركا وإذا بالعالم يخرج من حرب باردة إلى حروب ساخنة وظالمة تفتعلها وتنفخ في أوارها سيدة ذلك العالم الجديد فتشن حروباً تحت مسمى الحفاظ على الأمن القومي الأميركي وأخرى لمكافحة الإرهاب وثالثة دفاعاً عن حقوق الإنسان إضافة إلى ممارسة شكل جديد من الحروب الاقتصادية التي تلحق الضرر بمئات الملايين من البشر وبشكل يتجاوز كل القيم والمواثيق التي أقرّها ميثاق الأمم المتحدة والشرعية الدولية ولم تكتف بذلك بل حولت مؤسساتها الوطنية وبعض المنظمات الدولية إلى أدوات ضغط وابتزاز لدول العالم ومن الدولار الأميركي سلاحاً سياسياً بمواجهة كل الدول التي لا تصطف في رتلها السياسي وتستجيب لنزعة الهيمنة المسيطرة على مطبخها السياسي.
إن إسقاطات ما يجري في الساحة الدولية على المنطقة العربية يجعل المراقب للأحداث يخرج بانطباع لا يرقى إليه الشك بأن الجغرافية العربية أصبحت ساحة صراع بين القوى الكبرى والإقليمية منها حيث تستباح سيادتها وتنهب ثرواتها وتقطّع أوصالها في سابقة لم تشهدها المنطقة منذ أكثر من مئة عام أي مع نهاية الحرب العالمية الأولى لقد اعتقدنا ولعشرات السنين التي أعقبت فترة الاستقلال والتحرر الوطني أن الاستعمار بكل أشكاله قد أصبح شيئاً من الماضي وفي مطويات التاريخ ونتحدث عن تحقيق الحلم القومي وجسر الهوة المعرفية مع الغرب والتغني باستعادة مجد الأمة فإذا بنا وخلال سنوات قليلة نصاب بنكوص سياسي إذ يستعين الشقيق على شقيقه بالأجنبي وتنصب خيام أعداء الأمس وسط الأوطان ويشرعن التدخل الخارجي بحجة مكافحة الإرهاب والحفاظ على السيادة التي هي في جوهرها حفاظ على السلطة وامتيازاتها وتتساقط كل أوراق التوت عن أنظمة عميلة مارست كل أشكال الكذب والخداع على الجماهير بهدف تضليلها وإشاحة نظرها عن ما ترتكبه من إجرام بحق شعوبها من استبداد ونهب وفساد وإفساد وتبديد للثروات بتكديس الأسلحة التي تتحول مع الزمن إلى خردة غير قابلة للاستعمال في مواجهة العدو إلا إذا كان من أعداء الداخل (الذي تمتد يده إلى القوى الخارجية).
إن هذا التداعي غير المسبوق على بعض الدول العربية سواء في سورية أم العراق أم ليبيا واليمن وما يواجهه الشعب العربي الفلسطيني من عدوان مستمر على أرضه وممتلكاته وهويته يعكس مأساة عربية حقيقية تطرح سؤالاً عريضاً، العرب إلى أين؟، إن لم يكن العربة إلى أين؟، هل إلى مزيد من التشظي والاستلاب والتقسيم والتقاسم وبالتالي نعي للعروبة والأوطان واستدعاء لدولة القبيلة وإمارات الطوائف؟ أم ردة فعل شعبية واعية تطيح بجوقة العملاء والخونة الذين استمرؤوا الذل والمهانة واسترخصوا قدسية الأوطان وكرامتها أمام ملذات السلطة وشهوة الحكم.
إن ما تشهده الساحة العربية من حراك جماهيري وعودة الاعتبار للشارع في أكثر من بلد عربي وما تحقق من انتصارات في سورية ولبنان وما تشهده الساحة الفلسطينية في غزة والضفة وتمسّك الأهل في الجولان يجعلنا ننظر بتفاؤل إلى مستقبل مفعم بالآمال العريضة؟

د. خلف علي المفتاح
التاريخ: الاثنين 20-1-2020
الرقم: 17172

آخر الأخبار
بانة العابد تفوز بجائزة السلام الدولية للأطفال 2025   لبنانيون يشاركون في حملة " فجر القصير"  بحمص  ابتكارات طلابية تحاكي سوق العمل في معرض تقاني دمشق  الخارجية تدين زيارة نتنياهو للجنوب السوري وتعتبرها انتهاكاً للسيادة  مندوب سوريا من مجلس الأمن: إسرائيل تؤجج الأوضاع وتضرب السلم الأهلي  الرئيس الشرع يضع تحديات القطاع المصرفي على الطاولة نوح يلماز يتولى منصب سفير تركيا في دمشق لأول مرة منذ 13 عاماً  الجيش السوري.. تحديات التأسيس ومآلات الاندماج في المشهد العسكري بين الاستثمار والجيوبوليتيك: مستقبل سوريا بعد رفع العقوبات الأميركية الأولمبي بعد معسكر الأردن يتطلع لآسيا بثقة جنوب سوريا.. هل تتحول الدوريات الروسية إلى ضمانة أمنية؟ "ميتا" ساحة معركة رقمية استغلها "داعش" في حملة ممنهجة ضد سوريا 600 رأس غنم لدعم مربي الماشية في عندان وحيان بريف حلب من الرياض إلى واشنطن تحول دراماتيكي: كيف غيرت السعودية الموقف الأميركي من سوريا؟ مصفاة حمص إلى الفرقلس خلال 3 سنوات... مشروع بطاقة 150 ألف برميل يومياً غياب الخدمات والدعم يواجهان العائدين إلى القصير في حمص تأهيل شامل يعيد الحياة لسوق السمك في اللاذقية دمشق.. تحت ضوء الإشارة البانورامية الجديدة منحة النفط السعودية تشغل مصفاة بانياس لأكثر من شهر مذكرة تفاهم مع شركتين أميركيتين.. ملامح تحول في إنتاج الغاز