مئوية شورى

 

 

تمر هذا العام الذكرى المئوية لولادة الفنان المعلم نصير شورى (1920 – 1992)، أحد أهم الأسماء في الحياة التشكيلية السورية، الذي انتهج درب ميشيل كرشة رائد الاتجاه الانطباعي في الفن التشكيلي السوري، ثم كان بدوره رائداً في أسلوب واتجاه جديد عمّق الهوية المحلية من خلال الالتقاط البارع للمناخ اللوني للخصوصية البيئية، ثم ما لبث أن وجه ذلك المناخ نحو شكل من التجريد، أو الواقعية الاختزالية، ليرتبط هذا الأسلوب باسمه.
تعلم نصير شورى الرسم على يد الفنان عبد الحميد عبد ربه في المرحلة الابتدائية، ثم أكمل دراسته الثانوية في (مكتب عنبر) وبرزت موهبته في الرسم على يد الفنان جورج بولص خوري خريج المدرسة الوطنية العليا للفنون الزخرفية في باريس. وفي عام 1938 أقام أول معرض للوحاته الزيتية في نادي الضباط بدمشق، كان والده من أوائل صيادلة دمشق المُجازين، وقد افتتح صيدلية باسمه في مطلع حي المهاجرين بدمشق لا تزال قائمة في المنطقة التي تحمل اليوم اسم (شورى). وكان خاله العلامة المؤرخ محمد كرد علي مؤسس المجمع العلمي العربي بدمشق (مجمع اللغة العربية حالياً)، وقد شجعه على مزاولة الفن.
جمعته منذ بداية عمله الفني صداقة عميقة مع الفنان المعلم محمود حماد، وشاركا معاً عام 1941 بتأسيس مرسم (فيرونيز) في دمشق مع عدد من الفنانين. وفي عام 1942 انضم إلى (الجمعية العربية للفنون الجميلة)، وكان بين أعضائها الفنان الرائد سعيد تحسين. وفي العام التالي سافر إلى إيطاليا لدراسة الفن، إلا أنه حوّل وجهته إلى القاهرة عام 1943 بسبب الصعوبات الناجمة عن الحرب العالمية الثانية. وفي القاهرة تزامل مع ناظم الجعفري، وأنشأ مع عدد من زملائه مرسماً خاصاً، وشارك في عدة معارض، وبعد تخرجه عام1947، عاد إلى دمشق وعمل في التدريس، كما افتتح مرسمه الخاص في منطقة ( أبورمانة) والذي يعّد من أقدم المراسم الخاصة في دمشق، وكان أشبه ما يكون بمركز ثقافي يلتقي به الفنانون والأدباء والموسيقيون والفلاسفة والشعراء. وبعد رحيله حولت زوجته الفنانة بهية نوري المرسم إلى صالة عرض تحمل اسمه، كان لها حضورها المهم في الحياة التشكيلية لمدينة دمشق خلال سنوات التسعينيات.
شارك في المعرض الأول للفنانين السوريين الذي أقامته وزارة المعارف السورية (حلت محلها اليوم وزارتا التربية والتعليم العالي) في مدرسة التجهيز الأولى (ثانوية جودت الهاشمي) عام 1947، كما شارك في معرض الفنانين العرب الذي أقيم في قصر (الأونسكو) ببيروت بإشراف جامعة الدول العربية عام 1948. وكان مشاركاً دائماً في المعرض السنوي الذي كان يقام سنوياً منذ عام 1950، وأكثر فنان نال جوائز منه، ففي المعرض الأول نال الجائزة الثانية بالتشارك مع الفرد بخاش وميشيل كرشه، وفي المعرض الثاني عام 1951 نال أيضاً الجائزة الثانية مناصفة مع رشاد قصيباتي، وفي المعرض الثالث عام 1952 نال الجائزة الثالثة، وفي المعرضين الرابع والخامس (1953و 1954) نال الجائزة الأولى، وفي المعرض السادس عام 1955 نال الجائرة الثانية. وبذلك يكون قد نال ست جوائز خلال دورات المعرض الثماني التي اعُتمد فيها نظام الجوائز.
ساهم نصير شورى بتأسيس المعهد العالي للفنون الجميلة في دمشق عام1960، الذي أصبح فيما بعد كلية الفنون الجميلة، وعيّن وكيلاً لها عام 1970، وقام بتدريس مادة الرسم والتصوير منذ تأسيسها وحتى عام 1990. كما ساهم بتأسيس أغلب التجمعات الفنية في سوريه، وفي عام 1965 شكّل مع محمود حماد وإلياس زيات جماعة تجريدية أسموها جماعة (د) نسبة إلى دمشق، وأقاموا معرضاً مشتركاً في صالة (الصيوان) ومعرضاً ثانياً في صالة الفن الحديث. وكان نصير شورى متفرداً في أسلوبه، ومرهف الإحساس باللون. وعلى الرغم من تفوقه في تصوير الأشخاص، كما تدل على ذلك لوحاته أثناء الدراسة، فقد كان شغوفاً بتصوير مشاهد الطبيعة بأسلوب انطباعي، وبفضله استمر الاتجاه الانطباعي بالحضور في مرحلة الخمسينات وما تلاها، فقد كان من أنشط المشاركين في المعارض التشكيلية التي شهدت تطور تجربته من الواقعية إلى الانطباعية فالتجريد مع الاحتفاظ دائماً بروحها الانطباعية وهو ما جعل اسمه مرتبطاً بالانطباعية، وجعله رمزاً سورياً لها..

سعد القاسم

التاريخ: الثلاثاء 21 – 1 – 2020
رقم العدد : 17173

 

آخر الأخبار
جلسةٌ موسّعةٌ بين الرئيسين الشرع وبوتين لبحث تعزيز التعاون سوريا وروسيا.. شراكةٌ استراتيجيةٌ على أسس السيادة بتقنيات حديثة.. مستشفى الجامعة بحلب يطلق عمليات كيّ القلب الكهربائي بحضور وفد تركي.. جولة على واقع الاستثمار في "الشيخ نجار" بحلب أطباء الطوارئ والعناية المشددة في قلب المأزق الطارئ الصناعات البلاستيكية في حلب تحت ضغط منافسة المستوردة التجربة التركية تبتسم في "دمشق" 110.. رقم الأمل الجديد في منظومة الطوارئ الباحث مضر الأسعد:  نهج الدبلوماسية السورية التوازن في العلاقات 44.2 مليون متابع على مواقع التواصل .. حملة " السويداء منا وفينا" بين الإيجابي والسلبي ملامح العلاقة الجديدة بين سوريا وروسيا لقاء نوعي يجمع وزير الطوارئ وعدد من ذوي الإعاقة لتعزيز التواصل عنف المعلمين.. أثره النفسي على الطلاب وتجارب الأمهات عزيز موسى: زيارة الشرع لروسيا إعادة ضبط للعلاقات المعتصم كيلاني: زيارة الشرع إلى موسكو محطة مفصلية لإعادة تعريف العلاقة السورية- الروسية أيمن عبد العزيز: العلاقات مع روسيا لا تقل أهمية عن العلاقات مع أميركا وأوروبا الشرع وبوتين : علاقاتنا وثيقة وقوية وترتبط بمصالح شعبينا المكتب القنصلي في حلب.. طوابير وساعات من الانتظار بوتين والشرع يؤكدان في موسكو عمق الشراكة السورية الروسية للمقاييس عدالة.. لكن من يضبط الميزان؟