صنّاع الأمل

 الفرح والأمل، صناعة وقدرة على الغوص في الأعماق، ومن لا يتقن رسم البسمة على الوجوه لايمكن أن يكون من طينة البشر، ولا يعرف لوناً من ألوان الانسانية، وقديماً قالوا (ابتسم لي ولا تطعمني) فكيف إذا أجبرت عثرات الناس وكنت معهم في السراء والضراء؟
هل من عمل أنبل وأعظم من جبر الخواطر وتهدئة النفوس وفك عثرات المحتاجين، أمور بدهية كنا نتغنى بها أباً عن جد، ومازلنا، ولكن الأمر نادراً كما الذهب الأحمر كما يقال، نعم الكلمة الطيبة صدقة وفعل نماء وبركة، ومد يد العون في السر أكثر بركة وإنسانية وقدرة على حفر مجراها في النفوس.
فمن غير المعقول أن نمد يداً نظن أنها حانية لمحتاج، ونعلن ذلك على رؤوس الأشهاد، وندعو من هب ودب للتصفيق لنا، فهذا أمر خارج إطار القيم الأخلاقية التي نشأ عليها مجتمعنا، ولا نظن أن أحداً يفعل ذلك، إلا إذا كان من باب الصلف والغرور، وما أندر ذلك.
الفرح الذي لمسناه منذ عدة أيام، من خلال المبادرة البسيطة، ولكنها العالية القيمة والنبل (ليرتنا عزنا) كل غرض بليرة، انتشرت بين السوريين بشكل جميل ورائع، ورسمت فرحاً حقيقياً، ليس لأنها مثلاً حلت مشكلة ارتفاع الأسعار، لا.. إنما لأنها كشفت عن المعدن النبيل للسوري المتجذر بأرضه ووطنه، القادر على اجتراح البسمة والتعاضد مع أخيه السوري حين يتطلب الأمر.
المبادرة ليست حلاً بكل تأكيد، لكنها رسالة نبل وكرم ولهفة اجتماعية بين الناس، وبالوقت نفسه تعلن بصوت عال: أن هذا الوطن يحتاجنا جميعاً، ومن أكل من خيره، وشرب ماءه، وتنكر له، ليس بسوري، بل هو مرتزق مهما كانت هويته وولادته، وتضيف: إن على التجار الذين يرفعون أسعارهم كل ساعة أن يشاركوا ليس بليرة، ولا بمئة، ولا بألف، فقط إنما بعدم رفع الأسعار كل ساعة، هذا أضعف الإيمان.
بل لماذا لا يبادرون إلى إعلان اكتفائهم بنصف الربح الذي يضعونه، لا نطلب منهم الخسارة، ولا نريدها، ولكن الجشع الذي عبروا عنه يدل على أنهم حققوا أرباحاً خيالية، ولو وزعوا بضاعاتهم بليرة لشهور فلن يخسروا، لكننا ثانية نقول: لا نريد ذلك، إنما ليكن الضمير حاكماً، اكتفوا بربع ربح، بنصف، وأضعف الإيمان ثبّتوا أسعاركم، ولا تستوردوا نفايات البضاعة وتسعروها بأعلى ما يمكنكم فعلاً.
هل نذكركم بالصانع الصيني الذي قال: أستغرب من التجار، لماذا يطلبون منا أردأ أنواع البضاعة، ومع ذلك يدّعون التقى والورع ، لكنه لم يضف أنهم يأتون بها إلى بلدانهم ويزوّرون الماركات العالمية، وبأعلى الأسعار تباع، ليكفوا عن هذا فقط، ونحن بخير.
إنها الأفراح الصغيرة التي ينطلق كل واحد منا ليصنعها، فتعم على الجميع، بلدنا بخير، مادام فيه صناع الفرح الحقيقيون، وليس جباة الأموال، وكل فقير للفقير نسيب.

ديب علي حسن
التاريخ: الجمعة 24-1-2020
الرقم: 17176

آخر الأخبار
"لأجل دمشق نتحاور".. المشاركون: الاستمرار بمصور "ايكو شار" يفقد دمشق حيويتها واستدامتها 10 أيام لتأهيل قوس باب شرقي في دمشق القديمة قبل الأعياد غياب البيانات يهدد مستقبل المشاريع الصغيرة في سورية للمرة الأولى.. الدين الحكومي الأمريكي يصل إلى مستوى قياسي جديد إعلام العدو: نتنياهو مسؤول عن إحباط اتفاقات تبادل الأسرى إطار جامع تكفله الإستراتيجية الوطنية لدعم وتنمية المشاريع "متناهية الصِغَر والصغيرة" طلبتنا العائدون من لبنان يناشدون التربية لحل مشكلتهم مع موقع الوزارة الإلكتروني عناوين الصحف العالمية 24/11/2024 رئاسة مجلس الوزراء توافق على عدد من توصيات اللجنة الاقتصادية لمشاريع بعدد من ‏القطاعات الوزير صباغ يلتقي بيدرسون مؤسسات التمويل الأصغر في دائرة الضوء ومقترح لإحداث صندوق وطني لتمويلها في مناقشة قانون حماية المستهلك.. "تجارة حلب": عقوبة السجن غير مقبولة في المخالفات الخفيفة في خامس جلسات "لأجل دمشق نتحاور".. محافظ دمشق: لولا قصور مخطط "ايكوشار" لما ظهرت ١٩ منطقة مخالفات الرئيس الأسد يتقبل أوراق اعتماد سفير جنوب إفريقيا لدى سورية السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها نيبينزيا: إحباط واشنطن وقف الحرب في غزة يجعلها مسؤولة عن مقتل الأبرياء 66 شهيداً وأكثر من مئة مصاب بمجزرة جديدة للاحتلال في جباليا استشهاد شاب برصاص الاحتلال في نابلس معبر جديدة يابوس لا يزال متوقفاً.. و وزارة الاقتصاد تفوض الجمارك بتعديل جمرك التخليص السبت القادم… ورشة عمل حول واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة وآفاق تطويرها