رحلـــة العـــد العكســـي لنهايــــة أحـــــلام العثمـــانيين الجــــدد

كبهلوان سيرك يثير السخرية والاستهجان يحاول رأس النظام التركي رجب أردوغان أن يمشي على حبال المصالح المتقاطعة حيناً أو المفترقة حيناً آخر بين كبار اللاعبين على المشهد العالمي، مستغلاً التوازنات اللحظية المرسومة بين روسيا والولايات المتحدة، ومراهناً في ذلك على قدراته الهائلة في النفاق والكذب والادعاء، وذلك لإقناع الخصمين اللدودين بأن بلاده لا تزال صالحة للعب أدوار وظيفية متناقضة طويلة الأمد.
لكن في قرارة نفسه لا يزال هناك حلم صبياني قديم بإمكانية استعادة بعض «أمجاد» الرجل المريض أي»السلطنة العثمانية» البائدة، بالاعتماد على «البعد الإخواني» الذي يشكل حزب «العدالة والتنمية» الذي يتزعمه رأس حربته المسمومة، بالاتكاء على بعض أقزام الإخوان الخارجين من تفاصيل المشهد بأمراضهم وعقدهم الطائفية، غير أن ما يغيب عن ذهنه الانكشاري «الشارد» بأنه سيكون وحيداً معزولاً في لحظة الحقيقة، كحال باقي اليائسين المحبطين من الدعم الأميركي المشروط بالذل والتبعية، ولاسيما أن سورية ومحورها تستكملان رحلة تحرير الجغرافيا ورسم معادلات المنطقة التي تليق بدورها الإقليمي المعهود وبانتصارها النهائي الذي صار قاب قوسين أو أدنى.
ففي المواجهة الحاسمة الدائرة حالياً على تخوم إدلب الأسيرة ها هو أردوغان يستنفر أوراقه المحروقة مستعيناً بمرتزقته لقلب المشهد، وتأخير لحظة الحسم، على أمل أن يحظى بحصة صغيرة من كعكة المشهد الإقليمي، والدخول ضمن اللاعبين الإقليميين، لنراه مرة تلو المرة يزجّ بجيشه الأطلسي ليؤازر مرتزقة الإرهاب المصنفين على لوائح العالم، والذي عجز أو تلكأ عن فرزهم وفق استحقاقات سوتشي وآستنة، فاتحاً لهم بوابات بلاده ذهاباً وإياباً في رقصة الموت الأخيرة، ليغدو أردوغان المتنكر بربطة عنق حديثة معلماً للتخلف، وحامياً لشذاذ الآفاق القادمين من كراريس التعصب والإرهاب، بحيث ينتظرهم مصير واحد وهم يحاربون الشمس السورية بكل ظلاميتهم.
لقد قُرِعت طبول المعركة الحاسمة في إدلب ومحيطها وتقدّم الجيش العربي السوري بكل بسالة مسنوداً بشعبية جارفة، ومدعوماً بوفاء أصدقائه وحلفائه، لينهي الحالة الشاذة التي وطّدها الإرهاب الأسود لسنوات عديدة في أرض الزيتون الخضراء، فأتت الأوامر من ترامب «اللص» والمجرم في الجزيرة السورية إلى المجرم والإرهابي والمخادع «أردوغان» كي ينخرط في المعركة للدفاع عن بقايا الإرهاب في سورية، ولكن بعد أن أزفت ساعة النصر، وبات هذا النصر صبر ساعة أو أكثر ليلقى أردوغان مصيره كما لقيت سلطنته البائدة مصيرها أوائل القرن الماضي.
ترامب «اللاعب الخبيث» زج بأردوغان في عين العاصفة السورية بعد أن «أطمعه» بدور أوسع في ليبيا تاركاً إياه يتجرع مر الهزيمة عاجلاً أم آجلاً، وقد عودنا الأميركي بأنه لا يأبه بمصير أدواته وعملائه، عندما يستنزفون أنفسهم في خدمة مشاريعه الحربائية سريعة التبدل، حيث تقترب أوراق أردوغان الصفراء من التساقط في عين العاصفة السورية، ولم يعد أمامه سوى الخروج من مستنقع إدلب مع إرهابييه أو الغرق فيه أكثر ليرتد الارهاب إلى الداخل التركي، كما جرى مع الدواعش الذين دعمهم وتاجر بنفطهم المسروق، فلدغوه من جحره مرة تلو المرة ولكنه لم يتعلم، ومن أين له أن يتعلم وهو الذي يسوق نفسه «زعيماً» و»معلماً» وينظّر على شعبه المأخوذ بالشعارات والأكاذيب «العثمانية» الموهومة.
لا شك بأن أردوغان في حال استمر في «عصيانه» على تفاهمات آستنة وسوتشي سيغامر بعلاقته المتطورة مع روسيا ولن يكون أمامه أي فرصة للتعويض مع الأميركي الذي يعرف من أين تؤكل الكتف التركية، وخاصة مع وجود شايلوك الأميركي في البيت الأبيض باحتمالية البقاء أربع سنوات إضافية بعد أن قدم للكيان الصهيوني كل الخدمات التي كان يتسولها من إدارات أميركية سابقة.
وحتى هذه اللحظة لا أحد يعرف بالضبط ماذا يدور في رأس «السلطان» المأفون، وما إذا كان سيستدير لاحقاً لتصحيح ما ارتكبه من أخطاء فادحة في المنطقة، أم إنه سيتابع تخبطه الأيديولوجي والسياسي ليحصد ما سبق أن حصده رؤساء أتراك سبقوه، إذ يحضرنا مصير رئيس سابق لتركيا في أوائل الستينيات من القرن المنصرم، وهو القائل في تجمع انتخابي قبل سنوات» إنّ بعض القوى تودّ تعليقنا على أعواد المشانق كما فعلوا مع رئيس الوزراء الراحل عدنان مندريس عقب انقلاب 27 أيار 1960»، فهل يستطيع أردوغان الموازنة بين غضب شعوب المنطقة على تصرفاته العدوانية وغضب الشارع التركي على ممارساته القمعية، وبين رضا التيار الإخواني، وبين رضا واشنطن من طاعته حيناً وتذمرها من اجتهاداته الغبية حيناً آخر، دون أن يكون لذلك ثمن باهظ..؟!
عرب أميركا مشغولون بالعداء لإيران والتطبيع العلني والمجاني مع تل أبيب، ولا يبالون كثيرا بالانكشارية الأردوغانية التي تريد العودة بأي ثمن..لو فكروا قليلاً فسيجدون في دمشق آخر حصونهم المنيعة، ولكن هل تعنيهم الحصون العصية والمتينة طالما هم يقدمون الأتاوات من أجل بقاء العروش لشايلوك البيت الأبيض..!

عبد الحليم سعود
التاريخ: الخميس 13-2-2020
الرقم: 17192

آخر الأخبار
بمشاركة سورية.. انطلاق فعاليات المؤتمر الوزاري الرابع حول المرأة والأمن والسلم في جامعة الدول العربي... موضوع “تدقيق العقود والتصديق عليها” بين أخذ ورد في مجلس الوزراء.. الدكتور الجلالي: معالجة جذر إشكالي... بري: أحبطنا مفاعيل العدوان الإسرائيلي ونطوي لحظة تاريخية هي الأخطر على لبنان عناوين الصحف العالمية 27/11/2024 قانون يُجيز تعيين الخريجين الجامعيين الأوائل في وزارة التربية (مدرسين أو معلمي صف) دون مسابقة تفقد معبر العريضة بعد تعرضه لعدوان إسرائيلي الرئيس الأسد يصدر قانوناً بإحداث جامعة “اللاهوت المسيحي والدراسات الدينية والفلسفية” مرسوم بتحديد الـ 21 من كانون الأول القادم موعداً لإجراء انتخابات تشريعية لمقعد شاغر في دائرة دمشق الرئيس الأسد يصدر قانون إحداث وزارة “التربية والتعليم” تحل بدلاً من الوزارة المحدثة عام 1944 هل ثمة وجه لاستنجاد نتنياهو بـ "دريفوس"؟ القوات الروسية تدمر معقلاً أوكرانياً في دونيتسك وتسقط 39 مسيرة الاستخبارات الروسية: الأنغلوسكسونيون يدفعون كييف للإرهاب النووي ناريشكين: قاعدة التنف تحولت إلى مصنع لإنتاج المسلحين الخاضعين للغرب الصين رداً على تهديدات ترامب: لا يوجد رابح في الحروب التجارية "ذا انترسبت": يجب محاكمة الولايات المتحدة على جرائمها أفضل عرض سريري بمؤتمر الجمعية الأمريكية للقدم السكرية في لوس أنجلوس لمستشفى دمشق الوزير المنجد: قانون التجارة الداخلية نقطة الانطلاق لتعديل بقية القوانين 7455 طناً الأقطان المستلمة  في محلجي العاصي ومحردة هطولات مطرية متفرقة في أغلب المحافظات إعادة فتح موانئ القطاع الجنوبي