بكلام مختصر ومعبر ويعطي صورة واضحة ومؤلمة عن حال الناس في مواجهة جنون ارتفاع الأسعار غير المسبوق في الأسواق، جاءت صرخة أحد المواطنين خلال استطلاع تلفزيوني على إحدى شاشاتنا الوطنية بأن من يدخل أحد أسواق الخضار والفواكه سينسى خطر وتحديات فيروس كورونا جراء الصفعة التي سيتلقاها من تلك الأسعار الكاوية لمختلف المواد وتركه وحيداً في مواجهتها.
نعم بات رب أي أسرة سورية يقف عاجزاً أمام لائحة أسعار الخضار والفواكه بمختلف أنواعها ولا سيما تلك المنتجة محلياً المرتفعة والمتغيرة بين يوم وآخر ومن سوق لآخر ما يؤكد أن حركة تدوال المواد والسلع وتسعيرها يفرضها الموردون وتجار الجملة كما جرت العادة دائماً من دون أي رقيب أو حسيب.
ووسط كل حالة الفوضى تلك وأمام الغياب شبه التام للرقابة وتواضع تدخلها الإيجابي فيه حتى اللحظة يأتي التبرير من أحد مسؤولي وزارة التجارة الداخلية عند سؤاله عن أسباب ارتفاع أسعار البطاطا وهي مادة منتجة محلياً بأن الإنتاج المحلي للعروة الربيعية للمادة لم يطرح بعد بالسوق، فقل العرض ومن الطبيعي بهذه الحالة ارتفاع سعر المادة، وطبعاً يترافق كل ذلك مع تأكيده أن الأسعار مقبولة والوزارة تراقب المخالفين وتنظم الضبوط اللازمة بحقهم.
وأمام هذا التبرير يحق لنا التساؤل هنا: هل روزنامة زراعة المحاصيل الزراعية غائبة عن بال المعنيين في وزارة (حماية المستهلك)؟ ثم أين الإجراءات الاستباقية المفترض أن تكون متخذة من الوزارة وذراعها التدخلية المتمثلة بالسورية للتجارة لجهة أن تكون مستودعات الأخيرة مزودة بالمادة لسد النقص المتوقع خلال هذه الفترة من كل عام وتتدخل لطرح المادة في صالاتها لتقطع بذلك الطريق أمام احتكار التجار، لتكون هي فعلاً اللاعب الأكبر بالسوق؟
أسئلة عديدة تطرح منذ سنوات لم يستطع القائمون على الوزارة الإجابة عنها، والدليل ما تشهده الأسواق حالياً من فوضى سعرية وغياب لأجهزتها الرقابية، لذلك فإن تعاميم الوزارة الأخيرة التي طلبت فيها لأول مرة من أجهزتها الرقابية تفقد مستودعات المنتجين والموردين وتجار الجملة ومصادرة أي مواد محتكرة فيها ومصادرتها، ستبقى حبراً على ورق إن لم تترجم فعلياً على أرض الواقع عبر الإعلان صراحة عن أسماء هؤلاء المحتكرين والمستغلين لوضع البلد ومحاسبتهم ليكونوا عبرة لغيرهم.