تناذرت أخبار العالم فيروس كورونا، القاتل الخفي الذي ساوى بين الغني والفقير.. بين صاحب القرار ومنفذه.. بين من يتسلط على رقاب العباد، ومن يتحمل صاغراً القرارات الجائرة.. فيروس قد ينتشر كما النار في الهشيم، إن لم نحسن التصدي له..
لم تجمع الأفراح يوماً كل المدعوين، لكن المآسي توحد المشاعر والقلوب، بمعرفة أصحابها أم لا، فما بال الوباء المقر عالمياً، والذي صار قدر البشرية؟ فمجرد ذكره يثير القلق ويعكر المزاج، وقد تجاوز الخطوط الحمراء لدى الدول الكبرى.
دول كانت تعتبر عشاً للدبابير يُخشى الاقتراب منها. كشف اليوم الهذيان الذي كانت تهدد به الآخرين على أنها دول عظمى. أين عظمة أمريكا في مواجهة كورونا؟ أين عظمة إيطاليا وفرنسا وبقية دول الناتو التي تفاخر بجبروتها جميعها اليوم وقد صارت سراباً؟..
سورية التي ما إن بدأت تتعافى من عواء الرصاص، تسلل إليها فايروس كورونا.. لا يخيف هذا الفيروس، إن تعاملنا معه بحكمة وعقلانية. الأهم في عدم اصطياده لأي إنسان هو الالتزام بتعليمات الأطباء، وتحصين أفراد الأسرة بالبقاء في المنازل.
بتطبيق التوجيهات العامة نكسر حلقة انتشار كورونا، ما يخفف من آثاره لحين انعدامها، وإخماد هجمتها الساحقة. العالم كله اليوم تحت ألطاف الخالق.. الحكام الذين ادعوا أنهم أقوياء، يعلنون أن الأمر خرج من يد البشر وهو متروك للسماء.
تعلمنا أن الخير يجعل أزاهير القلوب تصدح بالحب، ما يعيق انتشار كورونا. لتكن وسائل التواصل الاجتماعي صلتنا مع الأحبة، لأن محبتنا لهم في بعدنا عنهم. الحب ثمرة لا تنضج في عاداتنا إلا بحضن أم، وقبلة تطبع على وجه طفل وجبين ابنة وأخ.
الحب فطرة إنسانية لكنها نُزِعَت من قلب الأحمق ترامب الذي مازال يشدد الحصار على إيران وسورية وكوبا وروسيا، يحرم بقراراته الجائرة الشعوب المنكوبة من الدواء، والأدوات الطبية التي تخفف من معاناة كورونا. ببساطة هو لايهتم حتى بشعبه.
الدول التي سرى الحب في شرايين أبنائها تكاتفت لمواجهة عدو البشرية في أشرس حرب عالمية. ليعيد الكثير من دول الغرب التي انتفت منها العلاقات الاجتماعية إلى الحميمية الفطرية. فيوزع المتطوعون المعقمات ومواد التنظيف والغذائيات مجاناً.
المحبة نادت بها أديان السماء من مهدها في بلادنا العربية، التي تفاوتت في تقديم الدعم للشعب العربي في أقطاره، لنكون إخوة نعاضد بعضنا البعض. الإمارات نحَّت أي خلاف للوقوف مع سورية التي لا ينبغي أن تبقى وحدها تلك هي الأخوة.
بينما السعودية مازالت تضرب في غيٍّ وعدائية أقرب الناس إليها.. مازال بني سعود يقتلون أهل اليمن.. ولم تضع فيهم كورونا عظة.. العالم كله إلى هلاك ومازال الشر داخلهم.. يحقنونه بمن يبغضون بدل التجمع للتغلب على عدو البشرية.
الغرب يترك الأمر لله، فما بال الذين يدَّعون بأنهم مؤمنون، واستغلوا كورونا لنهب ما في جيوب الناس، فأشعلوا نار الأسعار في وجه العباد المضطرين لشراء مواد التعقيم والمنظفات.. ولا بد من غذاء جيد.. فعن أي شيء يمكن أن يستغني الفقير؟!!
مواجهة كورونا تحتاج لصبر وعقل ودعاء، ولكنها تحتاج أيضاً لمال، ثمناً لما يمكن أن نحاربها به.. ماذا يفعل صاحب (قِدرة الفول) التي قلبها على عربته بعد أن كانت تطعم أولاده.. منظر يشعل القلوب حسرة، فهل من مدَّكر. يا أهل الأسعار المحلقة جواً.. كيف للحب أن يستبدل بالنهب غير الشرعي؟ هل لا بد أن ترتفع يد القانون لإحياء الضمير، وإنبات الحب بين الناس؟ الكفن ليس له جيوب، والقبر لا خزائن فيه، والمال إلى زوال. ولا يدوم إلا العمل الصالح في نفوس الناس محفوراً. فهل يا تجار الوطن وأثرياءه من رأفة لا نهب فيها؟.. صدق من قال: ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء.. ولتكن زكاة أموالكم بلسماً، وباقة ورد عطرة وزجاجة معقم تحيي حياة.
إضاءات- شهناز صبحي فاكوش