منذ بداية الحرب الإرهابية على سورية، لم تتوقف الدول الغربية عن سياسة النفاق والتضليل، ولم تكف عن دعم التنظيمات الإرهابية، ولطالما استغلت مجلس الأمن والمنصات الدولية لشرعنة الجرائم المرتكبة بحق الشعب السوري، واليوم يحاول بعض المسؤولين الأوروبيين إظهار الوجه الإنساني غير المألوف لدول الاتحاد الأوروبي من خلال تصريحات خجولة تدعو لتخفيف العقوبات غير المشروعة على سورية وليس إلغائها بالكامل، الأمر الذي يؤكد أن الحكومات الأوروبية لا تمتلك الإرادة السياسية الكافية للتخلي عن نهجها العدواني.
حتى الآن لا تزال تلك التصريحات في إطار الاستهلاك الإعلامي، ولم تترجم على أرض الواقع، وهي تحاكي النفاق الأميركي بمساعدة السوريين التي لم تتعد نطاق تقديم المساعدات والدعم المتواصل للتنظيمات الإرهابية وليس للشعب السوري الذي يعاني من وطأة الإرهاب الاقتصادي الذي تفرضه أميركا والغرب بانتهاك صارخ لحقوق الإنسان، بالتوازي مع الأعمال العدوانية التي تمارسها الدول المشغلة للإرهاب عبر مرتزقتها على الأرض.
الدول الأوروبية شريك أساسي في الحرب الإرهابية بمختلف أشكالها وعناوينها وهي لم تخرج يوما من إطار التبعية الأميركية العمياء، وكانت ولم تزل تستخدم الورقة الإنسانية كأداة ضغط عند كل انتصار يحققه الجيش العربي السوري في الميدان، ودعت مجلس الأمن الدولي للانعقاد عشرات المرات للتباكي على الوضع الإنساني كذريعة لوقف العمليات العسكرية ضد الإرهابيين بهدف إنقاذهم، ومنحهم الفرص تلو الأخرى لإعادة تجميع صفوفهم، لتكشف بذلك مدى الكذب والنفاق الذي ترتكز عليه سياستها المبنية على تزوير الحقائق وتسييس الوضع الإنساني بما يخدم أجنداتها العدوانية ومصالحها الاستعمارية.
في ظل انتشار كورونا في العالم دعت سورية المجتمع الدولي إلى احترام مبادئ القانون الدولي الإنساني والعمل على رفع العقوبات التي تستخدمها منظومة العدوان سلاحاً في حربها الإرهابية، والدعوة ذاتها أطلقتها العديد من الدول الأخرى لما تشكله تلك العقوبات من عائق كبير أمام جهود التصدي للوباء، ولكن تلك الدعوات لم تجد آذاناً صاغية، حتى أن دول الاتحاد الأوروبي عارضت إلى جانب الولايات المتحدة قبل أيام مشروع قرار روسي في الجمعية العامة للأمم المتحدة يقضي بالتخلي عن الإجراءات الاقتصادية القسرية بحق الدول المتضررة من فيروس كورونا، لتثبت مجدداً أنها لا تقيم أي وزن للقيم والمبادئ الإنسانية.
هذه الصورة السوداوية لحال دول الاتحاد الأوروبي هي وليدة تجارب سابقة خبرتها سورية ولم تزل، ولكن بحال كانت التصريحات الأوروبية الجديدة نابعة عن صحوة ضمير مفاجئة، تمليها الرغبة في تصحيح الحسابات الخاطئة، فهي ستبقى في دائرة الشك لحين إثبات مصداقيتها بتخلي الحكومات الأوروبية عن سلوكها العدواني، ورفع كافة الإجراءات القسرية عن الشعب السوري بشكل فوري وغير مشروط، ومن دون ذلك فإن تلك التصريحات ستبقى مجرد ادعاءات كاذبة لن تنفع الغرب في تلميع صورته القبيحة.
البقعة الساخنة- بقلم أمين التحرير- ناصر منذر