الثورة أون لاين:موسى الشماس: خص المركز الطبي الشرعي في حمص موقع الثورة أون لاين بالتفاصيل الكاملة لحقيقة مقتل الصحفي الفرنسي جيل جاكيه الذي قضى نحبه في حمص مؤخرا و يوضح الدكتور بسام يونس محمد رئيس المركز الحقائق الشرعية بدقائقها ائر الكشف عليه في المشفى التي تم نقله اليها مباشرة و قد كانت تبعد عن مكان الحادث 250 مترا
الكشف الطبي الشرعي والقضائي :
أوضح الدكتور محمد أنه تم في البداية إبلاغ هيئة الكشف القضائية من قبل قسم الشرطة المختص و حضر إلى المشفى رئيس النيابة العامة والطبيب الشرعي والكاتب العدلي وعناصر قسم الأدلة الجنائية من أجل إجراء الكشف على جثمان الصحفي الفرنسي جاكييه، وهنا رفضت المرأة التي كانت معه السماح بالكشف عليه من قبل القاضي والطبيب الشرعي ولماَ تّم إفهامها أن القانون السوري يوجب الكشف عليه حتماً ، طلبت عدم الكشف عليه إلا بعد حضور السفير الفرنسي فوافق القاضي على ذلك احتراماً لرغبتها ولحساسية الأمر والظروف الدولية وتم تأجيل الكشف الطبي الشرعي والقضائي بانتظار حضور السفير، وبعد ساعتين تقريباً وصل السفير الفرنسي إلى حمص وطلب من القاضي عدم تشريح الحثة، فأجابه القاضي أن القانون السوري يقضي بضرورة الكشف على جثمانه كون الجريمة وقعت على الأراضي السورية ويجب أتخاذ كافة الإجراءات اللازمة للوصول إلى الحقيقة وإن موضوع تشريح الجثة أو عدم تشريحها يتوقف على رأي وخبرة الطبيب الشرعي،
السفير الفرنسي يرفض التشريح
و أشارالدكتور محمد الى أنه بعد ذلك حضر السفير الفرنسي و طلب من الطبيب الشرعي عدم تشريح الجثة فأجابه الاخير ، لا يمكنني أن أعدك بذلك لأنني لم أفحص الجثة بعد وهذا القرار يتوقف على معطيات الكشف الظاهري للجثة ولكن أعدك بأن يكون القرار بتشريح الجثة يتوقف على الضرورة القصوى فقط وربما يساعدنا في ذلك استخدام تقنية التشريح الشعاعي وهو ما يعرف بالفيرتوبسي (Virtopsy) وهي تقدم معلومات جيدة جداً خاصة في حالة المرامي الغازية . كما طلب السفير حضور الكشف على جثة الصحفي من قبل المرأة التي كانت برفقته ومن قبله كونه طبيب وتمت الموافقة على ذلك من قبل القاضي، وفعلاً تم الفحص الطبي الشرعي في إحدى غرف المشفى وقد تم إحضار جهاز الأشعة البسيطة المحمول إلى الغرفة لتصويره، حيث كان هناك حرص من السفير والمرأة المرافقة للصحفي بإجراء كافة مراحل الفحص الطبي الشرعي بحضورهما.
الكشف القضائي :
قام رئيس النيابة العامة شخصياً وهو القاضي المناوب بتوصيف الجثة بشكل دقيق ومفّصل وأمر عناصر الأدلة الجنائية بالتقاط الصور الضوئية لجثمان الصحفي مع التركيز على مواقع الإصابات التي حددها الطبيب الشرعي، ثم طلب من الطبيب الشرعي معاينة الجثة وإبداء خبرته الطبية الشرعية مخوّلاً بتشريج الجثة إذا لزم الأمر.
التقرير الطبي الشرعي :
و أوضح الدكتور محمد أنه تم بعد ذلك توثيق التقرير الطبي الشرعي المعتمد على الفحص الخارجي والصور الشعاعية للصدر والطرف السفلي الايمن وجود ثلاث فوهات دخول لمرامي نارية في الصدر الأيسر اثنتان تحت مستوى الترقوة والثالثة أسفل الصدر والرابعة في الطرف السفلي الأيمن ولم يلاحظ وجود فوهات خروج وأظهرت الصورة الشعاعية مصدر وجود ظلال لأجسام معدنية حوافها غير منظمة مختلفة الأشكان والأحجام وهي تشير إلى أنها شظايا معدنية، وحول فوهات الدخول لوحظ وجود طوق سحجي بقطر أعظمي وصل حتى 3 ملم وتوضع طوق السحجة كان مختلفاً بالاتجاه بالنسبة للفوهات الثلاثة في الصدر وهذا يشير إلى أن اتجاه الشظايا المعدنية جاء إلى الصدر من زوايا مختلفة وهذا مؤشر على أنها ناجمة عن انفجار وليست مقاذيف لبندقية حربية أو أسلحة حربية فردية وهذا بدوره ينفي أن يكون قد استهدف الصحفي بشكل شخصي ويدعم ذلك وجود مصابين آخرين في مسرح الجريمة من شهداء وجرحى تمت إصابنهم بنفس الآلية وبنفس الطريقة والذي يرجع إلى الانفجار.
و نوه الدكتور محمد الى أنه قد يقول بعض من يملكون خبرة في الأسلحة في هذه الحالة : ما الذي يمنع أن تكون الشظايا المعدنية هي أغلفة للمقاذيف الجربية وقد انفصلت عن أجسام المقاذيف نيتجة الاصطدام وبالتالي علينا أن نُشرِّح الجثة ونفتح الصدر ونستخرجها لنقف على الحقيقة، ونحن نقول في صدد ذلك من الناحية النظرية صحيح ما تقولون أن الأجسام المعدنية في الصدر قد تكون أغلفة مقاذيف انفصلت عن مقاذيفها، ولكن من الناحية العملية والواقعية لا يوجد فوهات خروج أي أن المرامي النارية مستقرة وما نشاهده هو ظلال لشظايا معدنية ولو كانت أغلفة مقاذيف لكان من الفترض أن نشاهد هذه الظلال بالإضافة إلى المقاذيف المستقرة وبالتالي فإن عدم وجود مقاذيف مستقرة فهذا يعني أن ما نشاهده هو شظايا معدنية، وإن استخراجها لن يقدم أيه إضافات إلى التحقيق لأن كل الشظايا المعدنية في الحشوات الانفجارية مصنوعة من المعادن وهي بالتالي لا تقدم معلومات عن نوعية السلاح وعن أتجاهه وعن الجهة التي استعملت هذا السلاح إلا إذا كنا نتكلم عن أسلحة محرمة دولياً فقد نحصل على مؤشرات من دراسة طبيعة المعادن وهذا بحث آخر فالحقيقة الثابتة هنا من الفحص الطبي الشرعي أن الصحفي قد قُتل نتيجة انفجار ولكن من كان وراء هذا الانفجار وما سببه فهو موضوع يكتشف من خلال دراسة مسرح الجريمة عبر لجان تحقيق خاصة كما فعلت الجهات المختصة في سورية والتي كلَّفتها بدراسة مسرح الجريمة لتحديد مسافة القذيفة وجهتها خاصة وأنه قد سقطت في تلك المنطقة أكثر من قذيفة وفقاً لضبوط الشرطة المواثقة أصولاً.
وجهة نظر الطب الشرعي
و أكد محمد قائلا :أي تعليقات أو تصريحات أو حكم على الجهة التي تكمن وراء مقتل جاكييه تأتي استناداً إلى معطيات تشريح الجثة فقط هي تعليقات سياسية لا ترقى إلى مستوى الحقيقة العلمية لأنه في مثل هذه الحالة لا يمكن التوصل إلى الحقيقة إلا من خلال دراسة مسرح الجريمة وإن فحص الجثة لا يمكن أن يقدم أكثر مما قدم الطب الشرعي السوري بأن الوفاة ناجمة عن انفجار سببه قذيفة أدت لمقتل عدة أشخاص في مسرح الجريمة فإن سبب وفاته هو الصدمة النزفية نتيجة الإصابات الوعائية الصدرية ولا يمكن أن تكون تلك الشظايا ناجمة عن مقاذيف تم استهداف الصحفي بها بشكل شخصي وذلك كما وضحّنا سابقاً.
وبالتالي فإن أي تحليل أو تحقيق أو نتيجة أو تعليق تصدر عن أي جهة كانت طبية شرعية أو قضائية بدون أن تدرس مسرح الجريمة وتعتمد فقط على الجثة كما فعلت الجهات المختصة في فرنسا هي نتائج تحليلات وتحقيقات لا تستند على قاعدة علمية سواء أكانت طبية شرعية أم تحقيقية.
الخلاصة :
قتل الصحفي الفرنسي جيل جاكييه هو ومن معه من السوريين نتيجة شظايا معدنية ناجمة عن قذيفة انفجارية جاءت من مكان بعيد وللوقوف على الحقيقة كان يجب على الجهات المختصة الفرنسية أن تبحث عن الحقيقة في مسرح الجريمة أولاً وأخيراً، وألا تصدر أية تعليقات اعتماداً على فحص الجثة فقط لأنه في مثل هذه الحالة لا يقدم فحص الجثة أكثر مما قدم الطب الشرعي السوري على اعتبار أن التشريح الشعاعي يغني عن التشريح العياني وهو علم مقترن به في العالم ويقدم نتائج جيدة خاصة في حالة المرامي النارية.