الإرهاب العسكري والنفسي يستشري داخل عقلية المجرم أردوغان حتى بات متنفسه السياسي الوحيد لاستمراره في استئثار السلطة والتفرد بالحكم، وكما عانى الشعب السوري ولم يزل من جرائم رأس النظام التركي، فالشعب التركي يلقى نصيبه من تلك الجرائم بسبب رفضه أو انتقاده لسياسات أردوغان سواء في الداخل لجهة خنقه لحريات التعبير وتكميمه لأفواه المعارضين والناشطين السياسيين، أو في الخارج لجهة دعمه المتواصل للتنظيمات الإرهابية وما يترتب على ذلك من تفاقم المشكلات مع دول الجوار، وما يتعداها.
انتهاكات أردوغان لحقوق الإنسان تجسدها قوانينه العنصرية ضد خصومه السياسيين، وكل من يتجرأ على فضح نهجه الخاطئ، والقانون الذي أقره حزب العدالة والتنمية عبر البرلمان الذي يهمين عليه بالإفراج عن كافة المجرمين الخطيرين بذريعة التخفيف من الاكتظاظ في السجون المهددة بانتشار كورونا، وإبقاء المعارضين السياسيين يدل على مدى الحقد والرغبة الانتقامية التي تعشش في رأس النظام التركي، فسجناء الرأي المستثنون من القانون بينهم رؤساء أحزاب وبلديات، وعسكريون ومواطنون عاديون اشتكوا من تردي الأوضاع الداخلية، إضافة للعديد من السياسيين والصحفيين ممن حذروا من خطورة سياسات نظامهم الخارجية القائمة على دعم الإرهاب، وبينهم من كشف بالأدلة والوثائق ومقاطع الفيديو قيام شاحنات تابعة لجهاز المخابرات التركي بنقل أسلحة ومعدات عسكرية إلى الإرهابيين في سورية تحت علب الأدوية في مرات سابقة، ما يعني أن هذا القانون لا يرتبط بأي شكل في البعد الإنساني كما برره المجرم أردوغان، وإنما له أبعاد وأهداف سياسية تعكس نزعته العنصرية والاستبدادية، فلا بأس أن يحصد كورونا أرواح معارضيه داخل السجون، بينما المجرمون الخطيرون المطلق سراحهم ربما يحولهم إلى مرتزقة مأجورين يخدمون سياساته الإجرامية في وقت لاحق.
الصحفيون والناشطون السياسيون المدافعون عن حريات الرأي والتعبير أكثر المستهدفين داخل تركيا، لأن أصواتهم الحرة تزلزل كيان “الباب العالي” الذي يرى في الحقيقة خطراً داهماً يهدده بالزوال سياسياً، فالكشف عن ممارسات هذا النظام القمعي وسوء إدارته للحكم وتعريتها أمام الرأي العام المحلي والعالمي تضع رأس النظام ومسؤولي حزبه في العدالة والتنمية تحت طائلة المساءلة القانونية والأخلاقية التي تستوجب المحاسبة، رغم أن المجرم أردوغان يتفنن بابتكار الأساليب للهروب والتنصل من سياساته الخاطئة، إما باعتقال أولئك الصحفيين والمعارضين ممن ينتقدون سياساته بتهمة “الإرهاب”، أو بإيجاد “كبش فداء” من محيطه المقرب لتحميله مسؤولية قراراته الهوجاء، على غرار تمثيلية استقالة وزير داخليته سليمان صويلو ومن ثم رفضها على خلفية الإجراءات الأخيرة المتعلقة بمواجهة كورونا والتي شكلت خطراً على حياة الملايين من الأتراك ولا سيما قرار حظر التجوال المفاجئ.
ممارسات أردوغان القمعية وانتهاكاته السافرة لحقوق الإنسان حولت تركيا لأكبر سجن للصحفيين والناشطين السياسيين في العالم بحسب العديد من التقارير الدولية، وهذا ليس مستغرباً لنظام قائم على الإرهاب، يلهث وراء تحقيق مصالحه الضيقة على حساب حقوق الأتراك أنفسهم، ولا يقيم أي اعتبار لمصلحة بلاده العليا بانتهاجه سياسة العدوان ودعم التنظيمات الإرهابية في سورية و ليبيا والمنطقة بشكل عام، أو بإثارته العديد من المشاكل مع دول أخرى عبر سياسات الضغط والابتزاز كالاستثمار بورقة المهجرين، ولكن حالة التخبط التي وصل إليها هذا النظام، وتزايد الخلافات والانقسامات في صفوف حزب العدالة والتنمية الحاكم، تجعل من أردوغان أسير فضائحه وعدوانيته، يترقب لحظة سقوطه السياسي أمام غضب شعبه وإرادته في القضاء على نهج الاستبداد والتسلط.
البقعة الساخنة- بقلم ناصر منذر أمين التحرير