نيرودا يثقب نهر الجليد

ملأت شهرة نيرودا العالم، وطبقت الآفاق كأديب عالمي التزم قضايا الإنسانية، وجدد في المشهد الشعري العالمي وترك بصمته في الكثير من القضايا الثقافية والفكرية ولاسيما في الواقعية الجديدة، وإذا كنا لم نقرأ الكثير عنه في مناهجنا المدرسية إلا في الثالث الثانوي الأدبي حين الحديث عن المذاهب الأدبية ولاسيما الواقعية الجديدة، فإن الترجمة لأعماله تولت المهمة الباقية.

وربما ركز الكثيرون على مجموعاته الشعرية، ولكن المذكرات التي كتبها تحت عنوان: مذكرات بابلو نيرودا، أشهد بأنني قد عشت، ترجمها إلى العربية الدكتور محمود صبح وصدرت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، في بيروت عام 1978م لعلها تعد من أصدق ما يمكن للمرء أن يتابعه في هذا اللون من الادب الذاتي الذي جعل من العالم كله مساحة له، المذكرات أقرب إلى الرواية، لكنها تحمل طابع السرد الذاتي، تناول فيها الكثير من القضايا العالمية وروى أسراراً وحكايات، ربما لم يجرؤ أحد من قبله على فعل ذلك.

ما يهمنا في هذه العجالة أن نشير إلى أنه يبدي الكثير من الآراء المهمة في القضايا الأدبية، ولاسيما حين تحدث عن الأدب السوفييتي وعن ناظم حكمت الشاعر التركي الذي التقاه في روسيا حيث كان منفياً، ومما قاله بعد زيارته لموسكو عن مهمة الأديب (إن عمل الكاتب في رأيي، له شبه كبير بعمل أولئك الصيادين في القطب الشمالي، على الكاتب أن يبحث عن النهر فإن وجده متجمداً فإنه يضطر أن يثقب الجليد ويصبر ويتحمل الطقس المعادي والنقد المضاد، أن يتحدى التفاهة، أن يبحث عن التيار العميق، أن يرمي بالصنارة الصالحة الصائبة ليخرج بعد جهد جهيد، وصبر شديد سمكة صغيرة، بيد أنه لابد له من أن يرجع الكرة ويعود للصيد من جديد ضد البرد، ضد الصقيع ضد الماء، ضد النقد وهكذا دواليك حتى يخرج في كل مرة صيداً أكبر وأعظم).

نيرودا الذي يقال إنه تم اغتياله، ولم يمت مريضاً حفر مجرى عميقاً في الفعل والقول والقدرة المدهشة على أن يكون المبدع والمثقف الذي يعيش لقضاياه ووطنه، لم تغره بهارج الغرب، مع أنه منح نوبل وهو بالوقت نفسه المجدد بكل شيء، يقول عن اللغة (ليس في مكنة المرء أن يعيش طيلة حياته كلها بلغة واحدة، وهو يمطها طولانياً، يسبرها عمقاً، ينبش شعرها، يقلب أمعاءها من دون أن تشكل هذه المعايشة وهذه الألفة جزءاً من تركيبها العضوي.. إن استعمال اللغة كرداء أو كبشرة في الجسم بأكمامه برقعه بترشحاته، بلطخاته من الدم أو من العرق يكشف عن الكاتب ..هذا هو الأسلوب).

من مكابدات النضال كانت لغة نيرودا لهذا ظلت بهية ندية، تحفل بقوة البقاء لأنها من نبض الناس وللناس جميعاً، اليوم نحتاج اللغة الندية الحية الطالعة من آلامنا، نفتقد الأدب الذي يرتقي ليحتفي بآلامنا، يغنيها يبلسمها، صحيح أن الكثيرين يدعون ذلك ويعبرون بلغة باردة ميتة، يكتبون عن الألم وأقسى ما عاشوه أنهم سمعوا صوت طلقة هنا أو هناك، سمع بعضهم دوي انفجار يبعد عنه مسافات كبيرة فسال حبره، لكنه جف قبل أن يصل إلى الورق، ما أحوجنا إلى اللغة الجديدة بكل شيء، لغة الحياة والتفاعل الخلاق لتكون أدباً يخضل به الورق، وكل من يقرؤه ولو بعد دهور.

معاً على الطريق- بقلم أمين التحرير: ديب علي حسن

آخر الأخبار
السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها نيبينزيا: إحباط واشنطن وقف الحرب في غزة يجعلها مسؤولة عن مقتل الأبرياء 66 شهيداً وأكثر من مئة مصاب بمجزرة جديدة للاحتلال في جباليا استشهاد شاب برصاص الاحتلال في نابلس معبر جديدة يابوس لا يزال متوقفاً.. و وزارة الاقتصاد تفوض الجمارك بتعديل جمرك التخليص السبت القادم… ورشة عمل حول واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة وآفاق تطويرها مدير "التجارة الداخلية" بالقنيطرة: تعزيز التشاركية مع جميع الفعاليات ٢٧ بحثاً علمياً بانتظار الدعم في صندوق دعم البحث العلمي الجلالي يطلب من وزارة التجارة الداخلية تقديم رؤيتها حول تطوير عمل السورية للتجارة نيكاراغوا تدين العدوان الإسرائيلي على مدينة تدمر السورية جامعة دمشق في النسخة الأولى لتصنيف العلوم المتعدد صباغ يلتقي قاليباف في طهران انخفاض المستوى المعيشي لغالبية الأسر أدى إلى مزيد من الاستقالات التحكيم في فض النزاعات الجمركية وشروط خاصة للنظر في القضايا المعروضة جمعية مكاتب السياحة: القرارات المفاجئة تعوق عمل المؤسسات السياحية الأمم المتحدة تجدد رفضها فرض”إسرائيل” قوانينها وإدارتها على الجولان السوري المحتل انطلقت اليوم في ريف دمشق.. 5 لجان تدرس مراسيم و قوانين التجارة الداخلية وتقدم نتائجها خلال شهر مجلس الشعب يقر ثلاثة مشروعات قوانين تتعلق بالتربية والتعليم والقضاء المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات لقوات العدو في عدة مواقع ومستوطنات “اللغة العربيّة وأثرها في تعزيز الهويّة الوطنيّة الجامعة”.. ندوة في كلية التربية الرابعة بالقنيطرة