يشتكي الكثير من الأهالي اليوم من ارتفاع أقساط المدارس الخاصة، ورغم ذلك تمتلىء مقاعد صفوفها بالطلاب، اليوم مع غلاء المعيشة المرهق للأسر لدرجة العجز عن تأمين حتى لقمة الطعام، أو تطبيق الأولويات حتى على لقمة الأكل، أصبح قسط المدرسة الخاصة فوق احتمال الدخل لأسر كثيرة تآكل دخلها، والسؤال إن كانت المدرسة الحكومية إلى جانب المدرسة الخاصة، لماذا يتجّه الأهل للخاصة، يجيب الكثيرون منهم، لأن خدماتها أفضل من ناحية النظافة، والتدفئة والاهتمام بالجانب التربوي بالإضافة إلى التعليمي، فهل هذا الكلام واقعي؟.
ربما صحة تلك التبريرات تنطبق فقط على النظافة والتدفئة، أما جانبا التربية والتعليم فلا يوجد فارق كبير بالمقارنة مع المدارس الحكومية، بل على العكس المدرسة الخاصة تكرّس التفاوت الطبقي بين الطلاب، وتشجّع على الدروس الخصوصية، ونجد الطالب فيها يخرج من حصصه فيها، ليتابع دروسه مع نفس المعلمين والمعلمات الذين يدرّوسنه داخلها.
ربما تقدّم المدارس الخاصة خدمات تعليمية يتطلّع لها الأهالي القادرين على دفع أقساطها، لكن بالنسبة للأهالي الذين يلجؤون إلى الجمعيات وتغيير الأولويات في المصروف ليتمكّنوا من جمع تلك الأقساط، فلمَ لا يعيدون أبناءهم إلى المدرسة الحكومية، ويعمدون بالاتفاق مع وزارة التربية إلى دفع تبرعات، أو تكثيف زياراتهم إلى المدرسة واللقاء مع الإدارة لمناقشة المشكلات التي تدفعهم للخروج بأبنائهم إلى المدرسة الخاصة.
بالمقابل على وزارة التربية أن تقترح برامج تعاون مع الأهالي بهدف رفع جودة خدمات المدرسة الحكومية، كأن يساهموا بدفع تكاليف التدفئة والتنظيف، إلى أن تنتهي آثار الحرب والحصار الاقتصادي وتدهور الميزانيات المخصصة للتعليم.
إن من غير المقبول ترك الطلاب بين تراجع خدمات التعليم، وغلاء الأسعار، في وقت أحوج ما نكون فيه لتعويض التراجع والفقد الذي عشناه بسبب الحرب سابقاً وكورونا حالياً.
تستحق المدرسة الحكومية الدعم، والبحث دائماً عن طرق جديدة لتحسينها وبقائها، في وقت يزداد فيه تأثير الفقر على التعليم، ويحتاج المجتمع للمزيد من المتعلمين، والموارد التي تعيد نهوضه.
لينا ديوب