ممارسة الإرهاب الدولي الممنهج بحق الشعب السوري تزداد حدة مع تعاظم قوة صمود هذا الشعب، والولايات المتحدة باعتبارها القوة المشغلة للأدوات الإرهابية، سواء كانت تلك الأدوات أنظمة وحكومات مرتهنة، أم تنظيمات إرهابية مأجورة تتدرج بسلوكها الإرهابي وفقاً لمعطيات الميدان والتي دائماً ما تكون في غير مصلحتها بفعل الانتصارات التي يحققها الجيش العربي السوري، فتلجأ إلى توسيع دائرة إرهابها الموصوف عند كل فشل يصيب مشروعها الاستعماري، والجميع يلاحظ عملية استكمال دعمها للتنظيمات الإرهابية بانخراطها المباشر في العدوان على سورية، أو باعتماد نهج الإرهاب الاقتصادي الذي يتصاعد اليوم، أو السياسي، وحتى الإرهاب الصحي الذي تمارسه بشكل قذر في ظروف جائحة كورونا.
الإرهاب الاقتصادي يأخذ اليوم الحيز الأكبر ضمن استراتيجية العدوان الأميركية، بسبب إدراك واشنطن لحقيقة مهمة تتمثل بأن وجودها الاحتلالي لن يدوم طويلاً، ودعمها المتواصل للإرهابيين لن يسعفها في تحقيق أجنداتها على المدى الطويل، ولذلك تسعر من حدة إجراءاتها الاقتصادية القسرية لمحاربة السوريين في لقمة عيشهم، وتنساق خلفها حكومات الاتحاد الأوروبي الرافضة لرفع تلك الإجراءات، واللاهثة لتسييسها نزولاً عند الرغبة الأميركية، وهذه الإجراءات تترافق مع انتهاج ممارسات عدوانية ليكون الحصار الجائر أشد وطأة، وسرقة النفط والمحاصيل الزراعية، في منطقة الجزيرة تصب في إطار تلك الممارسات الإجرامية.
تعدد أوجه الإرهاب الاقتصادي تكشف زيف الادعاءات الإنسانية التي تحاول أميركا وأتباعها التلطي وراءها، وربط الدول الأوروبية تقديم المساعدات الإنسانية والطبية بشروط سياسية مسبقة هو سلوك عدواني ممنهج، والحرائق المفتعلة التي تطول حقول القمح والشعير في منطقة الجزيرة، هي أحد وجوه الإرهاب الاقتصادي، فالقمح محصول استراتيجي طالما اعتمدت عليه سورية بتأمين اكتفائها الذاتي، ولجوء المحتل الأميركي وأدواته أمثال نظام المجرم أردوغان ومرتزقته الإرهابيين لحرق هذا المحصول وغيره، هو لحرمان السوريين من منتجاتهم الزراعية، وبالتالي منع الدولة السورية من كسر أحد جوانب الحصار الاقتصادي، وكل ذلك يدل على حجم الانحطاط الأخلاقي والإنساني لأقطاب منظومة العدوان، وعلى مدى الهوس الأميركي بكسر إرادة السوريين، فقط لأنهم لم يخضعوا يوماً، ولم تنل الغطرسة الأميركية بكل قوتها وجبروتها من صمودهم، وإصرارهم على دحر الغزاة والمحتلين.
تصعيد أميركا وأجرائها من الحكومات الغربية لإرهابهم الاقتصادي بفصوله المتعددة، يأتي كمحاولة يائسة للتعويض عن هزائم مخططاتهم العدوانية، بعدما شارف الجيش العربي السوري على اجتثاث الإرهاب بكامله، وباتت الدولة السورية قاب قوسين من إعلان نصرها الكامل، وهذا التصعيد هو من باب الابتزاز السياسي، لمحاولة تحصيل مكاسب عجز المتآمرون عن تحقيقها عبر العدوان والإرهاب، لكن سورية قادرة على التصدي لكل أنواع الإرهاب، ولا يمكن مساومتها بأي شكل من الأشكال.
البقعة الساخنة -بقلم أمين التحرير ناصر منذر